وكان فيه كرم زائد، ومواساة وأخلاق جميلة، وعشرة صديقة، فقير النفس رحيب الصدر، له عبارة حسنة جزيلة فصيحة وخطابة بليغة الفوائد الجمة والفنون المهمة، والمصنفات البديعة عالي الهمة كثير الاشتغال والمطالعة، مداوما على الاشتغال في جميع حالاته، وكان محببا إلى النفوس موقرا عندهم لديانته وعفته وفوائده وكرمه وعلمه ورياسته وعقله وفضله وتواضعه ونصحه للمسلمين، ومن جملة مصنفاته كتاب الإقليد علقه على أبواب التنبيه من نظر فيه علم محل الرجل من العلم وأين وصل إليه من مراتبه في تصويره وتعبيره وشهومته وعلو قدره، وكان رحمه الله، لطيف الطبع يميل إلى السماع، ويحضره
ويرخص فيه، ورأيت في ذلك شيئًا قد تكلم عليه أباحه بشروط الشأن في حصول تلك الشروط في زماننا اليوم، وله اختيارات في المذهب كثيرة، مشى على أكثرها ولده من بعده، رحمهما الله، وللشيخ رحمه الله فضائل كثيرة ومحاسن غزيرة، وله شعر جيد فمنه:
يا كريم الآباء والأجداد ... وسعيد الإصدار والإيراد
كنت سعدا لنا بوعد كريم ... لا تكن في وفائه كسعاد
، وقد تخرج به جماعة كثيرون، وأمم لا يحصون من قضاة، وقضاة قضاة، وعلماء، وفقهاء، وسادة، وقادة رءوس، ورؤساء، وأئمة وكبراء، وكان له فنون في الشرعيات من فقه وحديث وتفسير وعلوم الإسلام الشافعية، فرحمه الله، ونور ضريحه، توفي ضحى يوم الاثنين خامس جمادى