للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مزمل» وأن القليل منه يحتمل متى طلبه المعنى، وأن مذهب الوقف عند أواخر الأبيات بالسكون، وكان من مذهب العرب، يخفيه، إن كان لابد من إخفائه، كل إخفاء.

والبوارح من الطير وغيره يتشاءم بها

لا مرحبًا بغدٍ ولا أهلاً به ... إن كان تفريق الأحبة في غد

وهذا البيت كما ترى غناء ويلائم مذهب خفة الروح والطرب الذي عليه هاته القصيدة أو ينبغي أن تكون عليه.

حان الرحيل ولم تودع مهددًا ... والصبح والأمساء منها موعدي

أي لم تودعها ولم تبق إلا هذه الليلة ثم موعدنا الصبح والإمساء نصبح لنسير، ونمسي لنسير، وتلك شقة لا نهاية لها.

ومهدد هي مية نفسها، وفي الاسم تحبب لا يخفى واشتقاقه من المهد.

ثم بلفتة من لفتات الخيال الجامح جعل النابغة مية هذه أو مهدد كما سماها، وكلتاهما المتجردة، كلا الاسمين كناية عنها، جعلها راحلة، وجعل نفسه يتبعها كما يتبع الشعراء محبوباتهم، قال زهير:

هل تبلغني أدنى دراهم قلص ... يزجي أوائلها التبغيل والرتك

وقال ابنه:

أضحت سعاد بأرض لا يبلغها ... إلا العتاق النجيبات المراسيل

ولن يبلغها إلا عذافرةٌ ... لها على الأين إرقال وتبغيل

وقال النابغة بعد ما تقدم:

في إثر غانيةٍ رمتك بسهمها ... فأصاب قلبك غير أن لم تقصد

<<  <  ج: ص:  >  >>