للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتغنى فيما سيأخذ به من غناء. وقد تعلم أنه يقول من بعد «زعم الهمام» فضمير الغائب ههنا كأنه لا يعني أحدًا غير هذا الهمام الذي يزعم ما يزعم.

وضمير الغائب بعد قد يعني الشاعر نفسه. وههنا التقية. وقد أباحت هذه التقية للنابغة أن يفتن في نعت النظرة كما رآها، وفهم من حديثها، ووقع كل ذلك من نفسه أيما موقع- فقال «عن ظهر مرنان بسهم مصرد» أي بسهم ينفذ ويتجاوز:

وفي المرنان إيحاء بما كان هو مقبلاً عليه من ترنم وأرنان ببكاء الحسرة على الذي كان من تجربته مداناة نيل ما لا ينال.

نظرت بمقلة شادنٍ مترببٍ ... أحوي أحم المقلتين مقلد

هذه هي صورة التمثال موجزة مختصرة. جعلها شادنًا ليدل على أنها شابة مجدولة متماسكة خمصانة النموذج. والشادن من الظباء ما شب واشتد أسره وارتفع. وقوله مترب، لينفي عنها البداوة، بداوة الشادن الذي توصف به نساء البدو، وذلك بجعله شادنا مترببًا مؤلفًا في البيوت. ثم في التربيب النعمة. وهذا يسبغ على خمصانتها أديما نديا ريان خافضًا عسى أن يشبه شيئًا ما ضروب ما كان يُصنع بأخرة من متجردات يونان، حينما جيز بالطراز الرياضي إلى لون من التنعيم من غير مغادرة مقياس الضمر وامتشاق القامة. وقوله أحوى، نعت للفم. وسيقف النابغة من بعد عند امتلاء هذا الفم وحوته وبهجته.

وقوله أحم المقلتين تلخيص لهذه النظرة التي أصابت ولم تقصد ادعاء، وأصابت وأقصدت بسهم نافذ، أرسل من قوس مرنان.

وقوله مقلد، جعله القلادة على عنق القامة المتجردة كما ترى على النحو الذي قدمنا. ولـ «مانيه» كما تعلم صورة متجردة، بادية الضنى كأنها سقيمة، على عنقها قلادة من خيط أسود، ونذكر هذا تنبيهًا على ما يقع في باب توارد الخواطر كما يقع

<<  <  ج: ص:  >  >>