للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صورة الغصن ذي الغلواء مأخوذة من البردية بين السقي المذلل. أخذ النابغة هذه البردية فباعدها من السقي فليس لها إلا أن تكون ذات غلواء، وجعلها غصنًا كما ترى. وقد يتبادر إليك أنه أخذ من قول امرئ القيس:

هصرت بغصنٍ ذي شماريخ ميال

والراجح أنه مما قدمنا أخذ لا من هذا. على أن لا يستبعد أن يكون بعد أن أخذ من الأول، نظر إلى هذا، فجمع منه إلى معنى ذاك. إذ الغصن حينما يغلو يتمايل وهذا قوله: «المتأود». و «تمايلت» في المعلقة حركة سببها الهصر. وفي اللامية حركة الميال من جنس الغصن ذي الشماريخ، كما أن فيها شيئًا من مجاوبة للهصر. وعند النابغة حركة المتأود من جنس الغصن ليس إلا- فهي من ههنا أدخل في باب السكون، وأشبه بمعنى البردية الذي قدمنا. والألفاظ الثلاثة عند الشاعرين: تمايلت ميال. متأود. كل منها دال على ما فسرنا. تمايلت فعل يدل على تفاعل حركة. وميال صفة تفيد الثبوت والمبالغة تفيد التفاعل وتشعر باضطراب الحركة. والمتأود صفة حركتها تفعل من ذات نفسها كما ترى.

والبطن ذو عكن لطيف طيه ... والإتب تنفجه بثديٍ مقعد

وإذ قد نظر خلسة فرأى البشرة، غض من حيث نظر وذلك محل العقد الشعاع، فرأى كقلادة العنق من أسارير طي البطن الناعم المتماسك بالصحة وأسر الشباب. وإذ سمى هذه الأسارير عكنًا يدل على أنها جدل محكم من تلاحم نسج خصائل الحشي، أضفي عليها الرقة بالذي ذكره من لطف الطي. وإذ هي نظرة سريعة، اكتفى بهذا الذي قاله، فلم يثبت الصفة بنفي الإفاضة أي بأن يقول «غير مفاضة» إلا في بيت آخر بعد نظرة أخرى أو غضة أخرى كما سترى إن شاء الله.

وإذ جرد التمثال الثابت كل هذا التجريد بنظرته حين غض عن بريق العقد،

<<  <  ج: ص:  >  >>