للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحسن نستها مع ما دونها وإليها. وصفة ريا تشعر بذلك، وهي كأنها نظر وتكميل لقول امرئ القيس: «هضيم الكشح ريا المخلخل» وقوله «وساق كأنبوب السقي المذلل». وقوله «بضة المتجرد» نفي لأن يكون في روادفها ترهيل. كأنه يقول لك أن هذا الذي بدا من امتلاء ردفها وريه، سببه أنها متجردة متكشفة، ولابد لمثلها أن يكون بضا وهو متجرد. فهذا كأنه نص في الذي زعمناه لك آنفًا من أن العارية أبض حتمًا من الكاسية.

قامت تراءى بين سجفي كلةٍ ... كالشمس يوم طلوعها بالأسعد

وهذا صفة لحالة الجلوة كيف جليت ولموقف التمثال حيث وقف. وفيه أشعار بحيوية وتحريك، في الترائي وفي ما يكون من انسياب سجفي الكلة حوليه، وما قد يعن من خفوقها.

وهنا أيضًا نظر إلى تمثال أفروديت ذات الثوب. ثم تمهيد لضوء الشمس الذي سيذكره، إذ سجفا الكلة مما يكون أشد لوهجه وبريقه وإعشائه العين دون أن ترى. وهو لم ير منها وهي واقفة متجردة صلته بعقدها غير ما يمكن أن يراه من الشمس إذ طلعت بالأسعد: الإشراق والسعادة لا غير. وهذا كما ترى في جودته وقوته هو أيضًا من حاق التقية.

أو درةٍ صدفيةٍ غواصها ... بهج متى يرها يهل ويسجد

وهذا استمرار في نعت البريق كما ترى.

وفيه استراحة ما من الذي كلفه النابغة من عناء. استراحة تغن وترنم.

وفيه بعد كناية إذ هذه المتجردة من لآلئ بحور القصور، وغواصها النعمان، يهل ويسجد لظفره بها، وقد أهل النابغة أيضًا وسجد والتاع.

ومع استمرار البريق فإنه خبا شيئًا، إذ ليس ضوء الدرة كضوء الشمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>