للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان نظرًا، إذ هو قد انتقلت عينه من بريق الأسنان إلى بريق العقد. هذا الذي يسطيعه هو، إذ التقبيل واللوعة وامتلاء الشفتين واثمد اللثات، كل ذلك للهمام لا له. وقوله «عقده» أي العقد الذي ينتمي إلى الفم- أي عقد الجد الذي ينتقل النظر إليه من بعد الفم، وهذا مذهب تعلمه في قصة الترائي.

ويجوز لك أن تقول أخذ العذارى لؤلؤًا فنظمته، فكأن لآلي ثغرها- وهذا عندي فيه تكلف وعناء. ولك وجه ثالث وهو قوي في مذهب؟ ؟ ؟ وما قدمناه يفيده وذلك أن تجعل الضمير في «عقده» يعود على النحر في قوله؟ ؟ ؟ لنظم في سلك يزين نحرها» ومهما يك من أمر فقوله «عقده» كما لو قال «عقدها» سواء بسواء. ولو قال «عقدها» -ولعلها رويت- لكان فيها ما في «عقده» من معنى الانتقال من ألق الأسنان إلى ألق اللؤلؤ.

وقد ترى أنه جعل العقد لؤلؤًا بعد أن كان ذهبًا وهاجًا، ولعله لم يكن إلا لؤلؤًا منذ البدء، وإنما جعله ذهبًا ليعشى دون العارية التي جليت.

ومن حذقه، لم يحل عقد الذهب لؤلؤًا مفاجأة، حتى تتساءل. ولكن تناساه. بل هو اختفى عن بصر الشاعر مع الذي اختفى من شعاع باهر، شعاع الشمس وشعاع الدهشة وهلم جرا.

وأخذ العذارى عقدًا آخرًا لينظمنه، وهو يتحسس ما سيرى ويصف في ضوء هذا العقد، وذلك ضوء لا يعشيه، بل يجعله يديم النظر ويمعنه ويحده، ولا حاجة به إلى أن يستكف وإلى أن يغض.

وجعل اللؤلؤ متتابعًا متسردًا ليقص حكاية نظم العذارى له في السلك، وتتابع لؤلؤة بعد لؤلؤة، فتنسرد مع أخواتها، والشاعر يستضيء بذلك فينظر.

وفي ذكر العذارى نفس من عذارى امرئ القيس، عذارى الدوار وعذارى

<<  <  ج: ص:  >  >>