وكأن في هذه الصور شيئًا من قصة «أوبرون» و «تيتانيا» و «بك» ذي رأس الحمار التي جاء بها شكسبير في روايته «حلم ليلة منتصف الصيف».
ثم ضمن الأعشى ما كان تخابث به من نعت الوصل وفاكه به سامعيه في قوله:
قالت هريرة لما جئت زائرها ... ويلي عليك وويلي منك يا رجل
ومن ههنا تستدل أن ما كان نعته من زيارتها لجاراتها وأوبتها منهن، إنما كان جميعه تمثيلاً- ولم يكن صدودها إلا هذا الذي قالته له حين زار. وقد تعلم أن الرواة زعمت هذا أخنث بيت قالته العرب.
ثم انتقل بعد إلى وصف العارض وألبس صفته له ألوانًا من دعة هريرة وبذخها:
له ردافٌ وجوزٌ مفأم عمل ... منطق بسجال الماء متصل
وقوله بعد:
لم يُلهني اللهو عنه حين أرقبه ... ولا اللذاذة عن كأسٍ ولا الكسل
إنما هو تذكير لنا، بأنه بالذي ذكر من نعت هريرة وبالذي سيذكر من نعت البرق ومجلس الخمر إنما يتشاغل، كأنه غير آبه ليزيد بني شيبان. ثم إنه من بعد سينزل به عقوبته كشر ما يكون العقاب. والتشاغل بالنظر ولهو الحديث ومطايبة