للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغزل مع القراه البوادن. وبالتأمل والشجن والذكريات إذ يلوح العارض السبحل، وبالمرح والسكر والشواء يحمله المشل الشلشل، كل ذلك مع الهزل والتشيطن والمفاكهة مما يكون أبلغ في التنبيه على معنى فحولته هو، حين يُقبل على الجد وينازل الأقران:

قالوا الطعان فقلنا تلك عادتنا ... أو تنزلون فإنا معشرٌ نزل

وحسبنا بعد هذا القدر عن لامية هريرة.

وقد جاء الأعشى بنموذج البادنة العظيمة متجردة في كلمته التي مطلعها:

صحا القلب من ذكرى قتيلة بعدما ... يكون لها مثل الأسير المكبل

وفيها يقول يصف ردفها:

ينوء بها بوصٌ إذا ما تفضلت ... توعب عرض الشرعبي المغيل

أي الواسع. والشرعبي ثوب ذو أذيال يخرج به ولا يتفضل، فكأن هذه لا تتفضل ولكن تتجرد، لأنها متى تفضلت ضاق عنها الشرعبي الواسع وهو لبسة خروجها، أو كأنها تتفضل حين تتفضل بالشرعبي، الذي يخرج به غيرها، لأن ضخامة عجيزتها لا يصلح لها غيره، وهو نفسه عنها يضيق:

روادفه تثني الرداء تساندت ... إلى مثل دعص الرملة المتهيل

ومثل هذه تكون كزوجة أنتفاتس، التي اختطفت هي وزوجها أحد رفاق أوذيسوس الثلاثة ليتعشيا به (١). والمبالغة في صورتها وأبعادها لا تخفى.

هذا، ولولا ما في القصيدة من تخابث بالتفصيل الفاحش لجئنا بها كاملة


(١) الأوديسا ١٥٨ الترجمة الإنجليزية طبعة بنجوين.

<<  <  ج: ص:  >  >>