للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيء أنه يدخل أبواب الملوك مقبولاً مكرمًا لا يحتاج في ذلك إلى أن يرشو حاجبها. ثم ذكر أن له حسادًا يحسدونه على هذا من منزلته. وأن من أرباب الملك من تحدثه نفسه بالتعالي عليه، وهو لعزة نفسه لا يبالي به، ولا يهوله وعيده:

أنما من خندف في صيابها ... حيث طاب القبص منه وكثر

ولي النبعة من سلافها ... ولي الهامة منها والكبر

مولي الزند الذي يورى به ... إن كبا زند لئيم أو قصر

وأنا المذكور من فتيانها ... بفعال الخير إن فعلٌ ذكر

أعرف الحق فلا أنكره ... وكلابي أنسٌ غير عقر

لا ترى كلبي إلا آنسًا ... إن أتى خابط ليلٍ لم يهر

كثر الناس فما ينكرهم ... من أسيفٍ يبتغي الخر وحر

وحين يبلغ هذه الذروة من نشوة الافتخار بنفسه بين نادي قومه من خندف، تميمها وأسدها وهذيلها وكنانتها وقريشها جميًا، يلتفت إلى النسيب:

هل عرفت الدار أم أنكرتها ... بين تبراك فشسى عبقر

جرر السيل بها عثنونه ... وتعفنها مداليج بكر

يتقارضن بها حتى استوت ... أشهر اليف بسافٍ منفجر

وترى منها رسومًا قد عفت ... مثل خط اللام في وحي الزبر

قد نرى البيض بها مثل الدمى ... لم يخنهن زمان مقشعر

وقد وهم «ليال» فحسب أن قوله «هل عرفت الدار أم أنكرتها» أول قصيدة أخرى أقحمت في القصيدة التي قبلها لمكان الروي والوزن. وإنما أتى «ليال» في وهمه هذا من جهة ابن قتيبة إذ قال في الشعر والشعراء عن المرار (١) «وهو القائل في


(١) الشعراء ٦٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>