للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تهتف بالصحراء كناية عن خلوها كل الخلو فلا يراه معهن أحد.

وأحرزن منا كل حجزة مئزرٍ ... لهن وطاح النوفلي المزخرف

فالنوفلي هذا خمار كن يتقنعن به. وقوله وأحرزن، نظر إليه، لا أرتاب في ذلك، أبو الطيب حيث قال:

إني على شغفي بما في خمرها ... لأعف عما في سراويلاتها

فعيب عليه كما تعلم قوله «سراويلاتها». والذي صنع أعف مما صنع جران العود؛ لأنه قد مد يده كما ترى.

وقلن تمتع ليلة النأي هذه ... فإنك مرجومٌ غدًا أو مسيف

وقال أبو العلاء: «وهذا البيت يروى لسحيم» فهذا إلماعة إلى أخذ جران من سحيم. وهو إسلامي والرجم حكم المحصن إذا زنى ووجدت في بعض الكتب أن جران العود جاهلي وهذا خطأ منشؤه من قلة تحقيق أو وهم وجران العود عقيلي إسلامي اسمه المستورد بن الحارث وقيل عامر بن الحارث النميري وهذا جاهلي فمن هنا مصدر الوهم والأول قول الصحاح والمزهر وعليه الزبيدي شارح القاموس -وقوله أو مسيف فالسيف من ذي غيرة لا يريد الفضائح فيجلله السيف- ويغلب على الظن وهو الصواب إن شاء الله، أن نسبة هذا البيت إلى سحيم وهم أصله خبر مقتل سحيم وهو أشبه أن يكون جاريًا مجرى الفكاهة حاكى به جران مذهب الفرزدق.

ونأمل أن نورد من هذه الفائية أبياتًا، عندما نعرض إن شاء الله لذكر شيء من حائيته التي سمي بها جران العود وكلتاهما في ديوانه المطبوع. وقد استمر بالشعراء القول على مذهب المجازفة في باب الغزل إلى زماننا هذا -وربما جيء به على سبيل الإشارة كما في قول أبي الطيب:

وقد طرقت فتاة الحي مرتديًّا ... بصاحبٍ غير عزهاة ولا غزل

<<  <  ج: ص:  >  >>