للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن ما يريد به إراحة نفسه، وهذا سبيله العظة والحكمة، فمن عابه بالفحش عابه من هذا الوجه فتأمل. وقد رأى قدامة ألا يعيبه وأحسبه أصاب في الجملة إلا في التفصيل لأنه احتج بقصة الخشب والنجار أنه إذا كان حاذقًا لا يضيره أن يكون الخشب رديئًا ويعترض على هذا بأن رداءة الخشب قد تفسد جودة الصناعة أو تكون فيها موضعًا للعيب.

والأعشى أراد إلى محض الإضحاك ولهذا فاكهه أبو العلاء في الرسالة بمقال لبيب «سبحان الله يا أبا بصير، بعد إقرارك بما تعلم غفر لك وحصلت في جنة عدن إلخ» (ص ٢١٨).

وكأن الأعشى قد سبق الفرزدق إلى أسلوب الفكاهة والضحك من قصة المغامرة الغرامية «تجاوزت أحراسًا وهلم جرا» في نحو قوله:

ولقد أطفت بحاضر ... حتى إذا عسلت ذئابه

وإنما تعسل مع الظلام.

وصغا قمير كان يمنـ ... ـع بعض بغيةٍ ارتقابه

صغا أي مال، وهذا كقول عمر «وغاب قمير كنا أرجو غيوبه» وهو كثير ما يشبهه في شعر الغزل. وتكسر نون تنوين التاء فتصلها براء «ارتقابه» لإقامة الوزن.

أقبلت أمشي مشية الحشيان مزورًا جنابه

الحشيان صاحب الربو -مزورًا جنابه أي مائلًا وهذا كقول عمر من بعد «وشخصي خشية القوم أزور» - ويروي هنا «الخشيان» بالعين المعجمة كما بالمهملة.

وإذا غزالٌ أحور الـ ... ـعينين يعجبني لعابه

حسنٌ مقلد حليه ... والنحر طيبة ملابه

غراء تبهج زولةٌ ... والكف زينها خضابه

<<  <  ج: ص:  >  >>