للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي صغيرًا وسكن اللام على لغة ربيعة والوقف في هذا الموضع بالألف أو «يرى» مبنية للمفعول.

على أن مذهب هذه الأبيات اللامية هجاء فهذا قولنا إنها مقاربة للملح. وكل باب الإقذاع الهجائي تجيء فيه الملح الجنسية كهذا أو أشد ولذلك موضعه فنأمل أن نذكر شيئًا منه أن صرنا إليه إن شاء الله.

وفي شعر ابن أبي ربيعة إحماض بويرد. وقد كان الرجل سيدًا قرشيًّا غير بعيد المنزلة من السياسة. وقد كان أخوه الحارث من الأمراء وهو الملقب بالقباع وأحسب أن ابن أبي ربيعة إنما يجيء بالأحماض من أجل إكمال ظرافة كلامه كما في أبياته الرائية التي فيها يقول:

ثم كانت دون اللحاف لمشغو ... فٍ معنى بها مشوقٍ شعارا

وفي بعد قوله «شعارا» وهي الخبر عن «كانت» عمل وتردد في الحكاية.

واشتكت شدة الإزار من البهـ ... ـر وألقت عنها لدي الخمارا

وأظن الدكتور زكي مبارك رحمه الله حسب أن المراد ههنا أمرٌ مكشوف. والمتأمل سيصح عنده أن ابن أبي ربيعة ما عدا أن هذه المحبوبة جلست لأنس وغرام ليس بمتجاوز العفاف إلى الزنا ودليل ذلك قوله: «ألقت عنها لدي الخمارا». إلقاؤها الخمار لديه وسفورها، ذلك شأو من المودة والأنس بعيد. واشتكت أن نطاقها آذتها شدة ملاصقته جسدها، وذلك لبهرها، أي تعبها بضم الباء وسكون الهاء وانقطاع نفسها إذ جاءت إليه في عجلة وتوجس من مكان بعيد، فأدخلت يدها في درعها تحل الإزار لتخفف من ضغطه على جسدها، لا أكثر من ذلك. وعماها ذلك في مجلسه طرحٌ للاحتشام وأنسٌ بالغ. ولا يستقيم في صناعة الشعر أن يكون الشاعر يريد أنها حلت نطاقها على حد قول البحتري:

وقطع التكة الرأي ... إذا التكة لم تحلل

<<  <  ج: ص:  >  >>