فأخذ هذا البرق وما معه من دمع وقبل وجاء بها في بيته الذي كأنما هو حركة «فيلم سينمائي» بطيئة لهذا البارق الذي إنما يبرق ليريه مواقع التقبيل. ورنة عجز البيت من أبي الطيب وأبي تمام معًا:
صنا قوائمها عنهم فما وقعت ... مواقع اللؤم في الأيدي ولا الكزم
هذا أبو الطيب وأما أبو تمام فأكثر بائيته مصدر لرنين الشريف هنا نحو:
ضوء من النار والظلماء عاكفة ... وظلمة من دخان في ضحى شحب
والشاهد موقع في -وقال ذو الرمة يصف مية ويشبهها بالمزنة:
أو مزنة فارقٌ يجلو غواريها ... تبوج البرق والظلماء علجوم
ومثل هذا المعنى في الشعر كثير- إلا أننا هنا نتتبع تشابه الإيقاع ومحاكاته. «تبوج البرق» هي نفس الرنة التي جاء بها الشريف في «مواقع اللثم» و «مواقع اللؤم» - وطريقة تركيب عجز بيت أبي تمام «وظلمة من دخان في ضحى شحب» هي نفس طريقة تركيب «مواقع اللثم في داج من الظلم» ولنتذكر ههنا رد البحتري قول أبي نواس «ولم أدر من هم غير ما شهدت به» إلى كلام الهذلي حيث قال «فلم أدر من ألقى عليه رداءه» وقوله «رويحة الفجر بين الضال والسلم» إنما هو من قول الآخر وهو من شواهد النحو المعروفة:
يا ما أميلح غزلانا شدن لنا ... من هؤليائكن الضال والسلم
وكما ههنا تصغير جاء الشريف بتصغير ولم يقدر على الفرار من الحاء لأن موضع أخذه فرض نفسه عليه ولولا ذلك لكانت له عنها مذاهب. وقوله: