للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخذ شوادر البين، ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه والسلام من بعد كما قد مر ذكره ولا يخلو ابن عثيمين رحمه الله مع رصانته وجودة ديباجته من بعض الكلال والسرد أحيانًا، وقل كاتب أو ناظم يسلم مما يؤخذ عليه، والسرد أهون خطبًا من الركاكة واللين، وربما قصد أحيانًا قصد عمد إلى بعض ما شذ هذا من مذاهب العلماء معروف كقوله:

فقلدوا أمركم من فيه رشدكمو ... يا المسلمون وشدوا منه بالعضد

أم لعله لم يقل إلا «يا مسلمون» وبها الوزن مستقيم وأرجح والله أعلم أنه تعمد هذا حذوا على «فيا الغلامان اللذان فرا»، والخطأ النسخي لا يستبعد (١)

ومن أمثلة الديباجة الرصينة الشيخ محمد سعيد العباسي رحمه الله، وإليك هذه الدالية من شعره وكان رحمه الله مما يواتيه طبع سمح في هذا الضرب والعروض من البسيط.

باتت تبالغ في عذلي وتفنيدي ... وتقتضيني عهود الخرد الغيد

وقد نضوت الصبا عني فما أنا في ... إسار سعدي ولا ألحاظها السود

سئمت من شرعة الحب اثنتين هما ... هجر الدلال وإخلاف المواعيد

لا تعذليني فإني اليوم منصرف ... يا هذه لهوى المهرية القود

هنا محاولة فيها رقة لمكافأة صدهن بصد مثله، وقد كره أبو السائب المخزومي التخشين في هذا الباب في قوله من قال:

وكنت إذا حبيب رام هجري ... وجدت وراي منفسحًا عريضًا

وهو مذهب لبيد: «فاقطع لبانة من نعرض وصله» في الميمية المعلقة، وكان العباسي رحمه الله بها سافر السفر الطويل في بادية غرب السودان وكان السفر إلى حين قريب بالجمال. وقوله «المهرية» أراد الإبل النجائب ومن أنجب الإبل البجاوية الصهب وما أشبه أن يكون العباسي كانت له راحلة منها.

لم يبق غير السرى مما تسر له ... نفسي وغير بنات العيد من عيد

وبنات العيد الإبل النجائب ينسبن إلى العيد فحل مشهور وأصل كلام العباسي رحمه الله بيت حبيب: (٢)


(١) وراجع ديوان الشاعر، العقد الثمين من شعر محمد بن عثيمين الطبعة الثالثة الرياض، سنة ١٤٠٠ هـ ١٩٨٠ م (ص ١٩٧) (راجعه وصححه وأعد معجمه وأشرف على طباعته السيد أحمد أبو الفضل عوض الله)
(٢) ديوان الأستاذ الشيخ محمد سعيد العباسي رحمه الله، ديوان العباسي، الطبعة الثالثة، الدار السودانية طبعة سنة ١٣٨٨ هـ= ١٩٦٨ م

<<  <  ج: ص:  >  >>