للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حين أغادر كل يوم بالفلا ... للطير عيدًا من بنات العيد.

ثم قول العباسي رحمه الله:

المدنياتي من رهطي ومن نفري ... والمبعداتي من أسري وتقييدي

أثرتها وهي بالخرطوم فانتبذت ... تكاد تقذف جلمودًا بجلمود

تؤم تلقاء من نهوي وكم قطعت ... بنا بطاحًا وكم جابت لصيخود

عدى جابت باللام وأحسبه بذلك فصيحًا في هذا الموضع لما في اللام من مناسبة لقوم تؤم تلقاء من نهوى فلم يجعل «من» يتسلط عليها الفعل «تؤم» من غير حاجز:

نجد يرفعنا آل ويخفضنا ... آل وتلفظنا بيد إلى بيد

وشد ما عانقت بالليل من عنق ... يضني ومن حيف أخدود فأخدود

حتى تراءت لحادينا النهود وقد ... جئنا على قدر حتم وموعود

النهود بلد بغرب السودان كان منها نهود- أي نهوض- القوافل وقاصدي الموارد والمراعي في حر الصيف وهي في إقليم كردفان غرب مدينة الأبيض في طريق دارفور.

معالم قد أثارت في جوانحنا ... شوق الغوير لمهضوم الحشى رود

ثم كأنه استحيا من هذا الغزال فقال:

استعفر الله لي شوق يجدده ... ذكر الصبا والمغاني أي تجديد

وتلك فضلة كأس ما ذممت لها ... طعمًا على كبر برح وتأويد

وفي هذا البيت حرارة من عاكفة وجانب من رقة وكبعض مذهب الشريف الرضي شيئًا ما. وكان أبوه رحمه الله تعالى، شيخًا معتقدًا وكان هو خليفته من بعده، تلاميذه وتلاميذ أبيه يكرمونه ويتلقاه من يتلقاه منهم بالحفاوة البالغة والاحترام والترحيب. وكان رحمه الله قد درس العربية والقرآن في صباه، ثم نال حظًا من الحياة العصرية والتدريب العصري في الحربية بمصر حين ألحق بها، ثم تخلي عن ذلك وانصرف إلى سبيل آبائه في العلم والتصوف.

مذهب الشريف مع سماحة ذات ظرف ساذج سهل أظهر في هذه الأبيات:

<<  <  ج: ص:  >  >>