للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هوى إلى النيل يصبيني وساكنه ... أجله اليوم عن حصر وتعداد

وحاجة ما يعنيني تطلبها ... لولا زماني ولولا ضيق أصفادي

يا سعد سعد بني وهب أرى ثمرًا ... فجد فديتك للعافي بعنقاد

قوله: «نضو أحشاد وأكباد» وقوله: «عن حصر وتعداد» فيها بعض الوهي وما بعد قوله: «حاجة» ليست للنفي ولكن للإبهام وهي جيدة والبيت ممهد للذي بعد وفيه ما ترى من الإشارة إلى قول سيدنا عمر: «يا سعد سعد بني هيب» رضي الله عنهما، وجعل الشاعر ذلك رمز كنى به عن بعض حاجات نفسه فيه وفيه روح من صبابة وعاطفة ووجدان وقوله: «بعنقاد» حسن الموقع في هذا الموضع- قال تأبط شرًا وأورده أبو العلاء في رسالة الغفران:

وقد لهوت بمصقول عوارضها ... بكر تنازعها كأسًا وعنقادًا

ثم انقضى عصرها عني وأعقبه ... عصر الشباب فقل في صالح بادا

وفي هذه الدالية أبيات خاطب بها الحمامة جعلها خاتمة لها

ورقاء إنك قد أسمعتني حسنًا ... هيا اسمعي فضل ثنائي وإنشادي

إنا نديمان في شرع الهوى فخذي يا بنت ذي الطوق لحنا من بنى الضاد

فربما تجمع الآلام إن نزلت ... ضدين في الشكل والأخلاق والعاد

لا تنكريني فحالي كلها كرم ... ولا يريبك اتهامي وانجادي

أحسبه أراد هنا معنى مجازيًا، أي الافتنان في ضروب القول مما يقع فيه التعبير العاطفي المنحى فربما ظن ظان أنه لا يلائم وقار الشيوخ. وفي قوله: «فربما تجمع الآلام» نظر إلى قول شوقي:

إن المصائب يجمعن المصابينا

وإلى أبي الطيب

وقد يتشابه الوصفان جدًا ... موصوفاهما متباعدان

ورحم الله العباسي فقد كان رقيق الإحساس فصيحًا يغرف بسماحة طبعه من بحر ولإيقاعه رنين وعذوية

<<  <  ج: ص:  >  >>