للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبيد فهنا تورية

ونما رفيعًا في ظلال خلائف ... في ظلهم عاش القريض رفيعًا

لا عن بيوت المال كان إذا انتمى ... يقصي ولا عن بابهم مدفوعًا

قدروا له قدر الشعور وأسرجوا ... أبياته وسط البيوت شموعًا

وهذا غناء سلس ذو عذوبة، ثم ألتوى بالجواهري الطريق إلى مقالة السياسة وشعور القومية الحديثة الأوربية المعدن، تحاكيه وتباريه، وهذا ديدن قد غلب»

ضيف العراق نعمت من خيراته ... وحمدت فيه قرارة وهجوعًا

إن تعقد الحفلات كنت مقدمًا ... أو تنبر الأمراء كنت قريعًا

ضبطت تنبر بضم التاء وما أحرى هذا أن يكون خطأ مطبعة إذ نبر (باب ضرب) ثلاثي ويجوز أنه مضارع من «انبري له» أي اعترض. هذا ولعل قولنا «ألتوى بالجواهري شعور القومية الحديثة وهو ديدن قد غلب» حيث قال يخاطب البحتري:

ضيف العراق نعمت من خيراته ... وحمدت فيه قرارة وهجوعًا

أن يكون على خلاف وجه آخر أراده الجواهري وهو أشبه بمذهبه وعلمه بالشعر وذلك أن يكون قصد إلى الإشارة إلى قول البحتري المشهور:

حنت قلوصي بالعرق وشاقها ... في ناجر برد الشأم وريفه

ومدافع الساجور حيث تقابلت ... بالضفتين تلاعه وكهوفه

فهل أراد عتابه على هذا الحنين إلى برد الشأم وريفه؟ فإن يكن شيئًا من ذلك أراد فقد جعل المعري من قبله عتاب البحتري وملامته مركبًا قال:

وقال الوليد النبع ليس بمثمر ... وأخطأ سرب الوحوش من ثمر النبع وقال:

ذم الوليد ولم أذمم دياركم ... فقال ما أنصفت بغداد حوشيتا

فإن لقيت وليدًا والنوى قذف ... يوم القيامة لم أعدمه تبكيتًا

ثم رجع الجواهري إلى معاني الثورة المحتدمة في نفسه فقال يخاطب البحتري ويذكره بأن العراق أحسن ضيافته إذ ضيافته إذ لم يكن عراقيًا مولدًا ودارًا

<<  <  ج: ص:  >  >>