للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأظن أنك لو نمتك ربوعه ... لشكوت منه فؤادك المصدوعا

كما يشكو الجواهري

ولكنت كالشعراء من أبنائه ... ممن تجوهل قدرهم فأضيعا

وهذا من الشعراء ديدن قديم

لك في التي راشت جناحك رفقة ... لولا جلادتهم لماتوا جوعًا

ولا تمنع جلادة صاحبها أن يموت جوعًا أو عطشًا إن لم يجد من ذلك أدني حاجته.

وهل عنى بالرفقة أولى الجلد ابن الرومي إذ عاصر البحتري ولم يصب من الحظوة كما أصاب؛ أو هل عني نفسه وفي قوله: «في التي راشت جناحك» يعني العراق ولعل الكاف ها هنا عنى بها غير البحتري وجعله رمزا، وما أقرب هذا من مذهب ابن الرومي إذا حسد الغصون المجازية وذمها في قوله:

نعم ألبستهم نعم اللـ ... ـه ظلال الغصون منها الرطاب

إن تلك الغصون تصبح عند ... ظالمات فهل لها من متاب

ومن غضبات الجواهري التي قد يخال أنهن مدنيات له يسار مركس وقل شاعر فحل يكون من يسار مركس قريبًا، قوله:

خبت للشعر أنفاس ... أم اشتط بك إلياس

أم الحي وقد أغفيـ ... ـت إبلاس وإخلاس

كأن لم يعترف ناسًا ... فهل أنت به الناس

ويا رب المقاييس ... ترى أعياك مقياس

أكفرا بالقياسات ... وما قيس ومن قاسوا

أم الخير شكا الندر ... ة حيث الشر أكداس

أم الثروة للقبح ... وعند الحسن إفلاس

أم العبد الأحرا ... ر قوام ونخاس

أم الفكر بأظلاف الـ ... وحوش الغبر ينداس

أحسبه لو جعل مكان الوحوش كلمة أخرى لربما كان أصح إذ ليس للوحوش، إن أريد بها السباع أظلاف، وغير السباع يقال لهن الوحش كالوعول والظباء وما أشبه، وقد أراد أمثال الدواب من البشر فهذا مقالنا لو جعل كلمة أخرى وذلك كثير وما جاء به له وجه وفوق كل ذي علم عليم.

<<  <  ج: ص:  >  >>