للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يبغ حتى رمى شرًا بأمته ... وإنما خانه رأي ومعتقد

إنا نعيش بواد غير مؤتمن ... تنزو القلوب به ذعرًا وترتعد

تعدو الذئاب به والويل إن غفلت ... عين الربيئة أو أغفى به الرصد

وقوله: «أغفى به الرصد» فيه وهي ما وسائر الكلام ذو جزالة سلس.

هذا ومما فاتني ذكره (وليس هذا موضعه ولكنه لا يحسن أن يترك وقد طال هذا الكتاب فيقع فيه النسيان والسهو والتكرار، كما صنع الجاحظ وكما وعد أبو الفرج ولم يفه، وما بمثل ما صنعا يقاس هذا الصنيع وأين الظالع من الضليع) التنبيه على ما كان للطهطاوي من سبق في مجال نهضة الشعر إذ كان من أوائل من أدخلوا عليه روح المقالة وكما تعلم كانت أكثر عيون الشعر في المديح النبوي.

أرسل الشيخ رفاعة إلى السودان مع رفاق له في مهمة تعليمية، وكأن ذلك لم يخل من بعض التخفيض لمنزلته ونوع من النفي له ولم تعجبه الإقامة في الخرطوم، ونظم قصيدة من بحر الوافر دالية على قرى كلمة أبي الطيب:

أحاد في سداس في أحاد ... لييلتنا المنوطة بالتنادي

أو على قرى كلمة حبيب:

سقى عهد الحمى سبل العهاد ... وروض حاضر منه وبادى

قال رحمه الله فذكر تأخر السودان وخشونة بعض جوانب الحياة والمجتمع فيه:

رعى الحنان عهد زمان مصر ... وأمكر ربعها صوب العهاد

رحلت بصفقة المغبون عنها ... وفضلي في سواها في المزاد

وما السودان قط مقام مثلي ... ولا سلماي فيه ولا سعادى

بها ريح السموم يشم منها ... زفير لظى فلا يطفيه وادي

أنت «السودان» كتأنيث «مصر» على العلمية. ولقد فرض الاستعمار هذا الاسم على بلادنا فرضًا ثم تمسكت به حركة الخروج من الاستعمار باسم الدعوة القومية الحديثة. واسم السودان إنما هو اختصار لقول العرب ومن أخذ عنهم بلاد السودان ويطلق ذلك على البلاد الواقعة جنوب الصحراء من بحر الهند وبحر القلزم إلى المحيط الأطلسي الكبير، ولقد استقلت بلاد أخرى في أفريقيا كانت تحت حكم فرنسا وكان اسمها السودان الفرنسي فسمت نفسها السودان، فحدث من ذلك أيما التباس ففطن أهلها ورجعوا إلى اسم قديم وهو «مالي» كما رجع من قبلهم الرئيس نكروما من ساحل

<<  <  ج: ص:  >  >>