للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يضرب مبني للمعلوم وذلك أن «العريس» يقف أمامه صف من الشبان يضرب كلا منهم على جلد ظهره سوطًا أو سوطين أو يزيد، حسب ما يتفق عليه أنه ثمن الشبال- أو شر الشبال «والشبال» أن تدنو الفتاة التي ترقص بعد أن كشفت رأسها، ولا تفعل ذلك في هذا الموقف الفارح المحتفل به، إلا الحرائر، من الشاب الذي يحجل أمامها فتشير بشعرها ثم تغطية مجفلة، هذا هو الشبال ولا ترقص البنات إلا بعد أن يحدد «شر» الشباب، «ولا بد دون الشهد من إبر النحل» - وإنما كان يتقدم للسوط الشبان تعزيزًا «للعريس» وتأييدًا له. ومن أدب الوقوف للسوط أن يكون الفتى ثابتًا كأنه جدار، ولا يختلج منه خد أو طرف أو ما يدل على ألم. وقد يداخل الشبان تنافس فيرفعون «شر الشبال» وإنما يقدم على ذلك الباسلون الذين يقال لهم: «إخوان البنات» أي حماتهن. والسوط مصنوع من جلد فرس البحر (العينسيت- الكلمة مقاربة لقولهم عنس في العربية).

وما في السودان قط مقام مثلي ... ولا سلماي فيه ولا سعادى

بها ريح السموم يشم منه ... زفير لظى فلا يطفيه وادي

قوله: «فلا يطفيه وادي» كقوله: من قبل «وفضلي من سواها في المزاد» ولا يخلو من نفس عامي.

فلا تعجب إذا طبخوا خليطًا ... بمخ العظم مع صافي الرماد

ولطخ الدهن في بدن وشعر ... كدهن الإبل من جرب القراد

قولنا من قبل إن ما ذكره في عجز البيت غير صحيح فقد بينا أمر دهن الجلد، وقال الشنفري:

بعيد بمس الدهن والفلى عهده ... له عبس عاف من الغسل محول

فافتخر بصعلكته وجعل منها ألا يدهن رأسه. وقال يزيد بن الطثرية وهو إسلامي:

فيسلك مدرى العاج في مدلهمة ... إذا لم تفرج غما صؤابها

والصؤاب صغار أولاد الثمل وإنما احتاج إلى تفريج لماته لما بها من ذهن وفي خبر كعب بن عجرة أنه جهده ترك الدهن من أجل عبادة الحج فيما يبدو حتى جعل القمل يتناثر من لمته فأمر بالهدى ونزلت فيه {فمن كان منكم مريضًا أو به أذًى من رأسه} [البقرة: ١٩٦] والعجب للطهطاوي أن يكون خفي عنه مثل هذا مع وافر علمه ونسبه الشريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>