للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى مطاعن الإفرنج ليس بكبير شيء فتأمل. وقال أبو الطيب في مدحته للملوك:

من كل موهوبة مولولة ... كاسرة زيرها ومثناها

فلعل من أهدى مملوكة ممن عسى أن يكون رفاعة شهد ذلك منه ما خرج به عن مذاهب العلية وأهل الثراء. وقد كان أخذ الرقيق من مرتبات الموظفين أول أيام حكم محمد علي باشا ثم نهى عنه احترامًا لفرنسة وبريطانيا ذكر ذلك الدكتور مكي سبيكة رحمه الله في تأريخة، وقول الطهطاوي «ارتضوه باتحاد» لا يخفي ضعف القافية منه.

لهم شغف بتعليم الجواري ... على شبق مجاذبة السفاد

وهذا أمر خاص بالنساء ومعروف عند العرب منه شكوى الذب شكا إلى علي أنه كلما دنا إلى امرأته قالت قتلتني وما كان أغنى رفاعة عن ذكره. قال أحد المادحين يذكر الصوفية وإقامتهم الليالي يذكرون الله ويسبحون بسبحات خرزها من ثمر «اللالوب» في كل سبحة ألف حبة يعد بها المسبح مثلاً ١٢٩ ×١٢٩ من عدد «يا لطيف»، فهذا قد يقضي فيه ليلة بأكملها:

يا ليلى النوم تركوه

يا ليلى اللالوب بكوه

«ليلى» اسم الحضرة العلوية الصوفية النبوية، جعل «اللالوب» كالعرائس يبكين تغنجًا ودلالاً فافهم حفظك الله:

قوله رحمه الله: «لهم شغف» أبدة، إذ كثير من الشبان ربما فاجأهم هذا من تدبير اللواتي وصفهن الكتاب المحكم بالكيد العظيم في ليلة الدخلة ويذكر أن الشيخ الدردير رضي الله عنه أهدى له بعض مريديه مملوكة لقنت هذا العلم ففزع من أمرها ثم أحبه حبًا فالله أعلم أي ذلك كان من خبر الرواة.

ولا يلام الشيخ رفاعة على إنكاره ما أنكر وتفرنجه بالزعم أن إهداء الجواري من البغاء المنهي عنه في قوله تعالى: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنًا} وكانت قريش في جاهليتها تفعله. فقد بلغ من رقة التأثر بما فتنه من حضارة مبلغًا، ولعل ما أصابه من ذلك في زمانه دون ما أصابنا من ذلك في هذا الزمان.

وقال الحارث بن أبي ربيعة وكان في وجه الحرب عاملاً لابن الزبير رضي الله عنهما يزجر أخاه عمر إذ بعث إليه يطلب منه جارية:

بعثت إلي تستهدي الجواري ... لقد انعظت من بلد بعيد

<<  <  ج: ص:  >  >>