للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه في الجدال، حيث أوهموه أن ما لا يحسه الإنسان بنفسه لا يقربه، وكأن الأصل أن ما لا يتصور الإحساس به لا يقرّ به، فكان حقه أن يستفسرهم عن قولهم ما لا يحسه الإنسان لا يقرّ به، هل المراد به هذا (١) أو هذا؟.

فإن أراد أولئك المعنى الأول أمكن بيان فساد قولهم بوجوه كثيرة، وكان أهل بلدتهم وجميع بني آدم يرد عليهم ذلك.

وإن أرادوا المعنى الثَّاني، وهو أن ما لا يمكن الإحساس به لا يقر به، فهذا لا يضر تسليمه لهم، بل يسلم لهم، يقال لهم (٢): فإن الله تعالى يمكن (٣) رؤيته ويسمع كلامه، بل قد سمع بعض البشر كلامه، وهو


(١) في س: "و".
(٢) "لهم": ساقطة من: س.
(٣) في ط: "تمكن رؤيته".
وهذا هو مذهب السلف الصالح -رضوان الله عليهم- المستمد من الكتاب والسنة وأقوال الصّحابة والتابعين لهم بإحسان، والأمر الذي يجب اعتقاده على كل مسلم يسير على نهجهم.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الرسالة التي أرسلها إلى أهل البحرين، وهي مذكورة ضمن الفتاوى ٦/ ٤٨٥ فما بعدها:
". . وإنَّما المهم الذي يجب على كل مسلم اعتقاده: أن المؤمنين يرون ربهم في الدار الآخرة في عرصة القيامة وبعد ما يدخلون الجنة على ما تواترت به الأحاديث عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عند العلماء بالحديث، فإنَّه أخبر - صلى الله عليه وسلم - أنا نرى ربنا كما نرى القمر ليلة البدر والشمس عند الظهيرة لا يضام في رؤيته".
ورؤيته -سبحانه- هي أعلى مراتب نعيم الجنة، وغاية مطلوب الذين عبدوا الله مخلصين له الدين، وإن كانوا في الرؤية على درجات على حسب قربهم من الله ومعرفتهم به.
والذي عليه جمهور السلف أن من جحد رؤية الله في الدار الآخرة فهو كافر، فإن كان ممن لم يبلغه العلم في ذلك عرف ذلك. كما يعرف من لم تبلغه شرائع الإسلام، فإن أصر على الجحود بعد بلوغ العلم له فهو كافر. . ".
والأدلة على ثبوت الرؤية من الكتاب والسنة وأقوال الصّحابة والتابعين =

<<  <  ج: ص:  >  >>