للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم".

والذي يبين أن مجرد الحركة في الجهات ليس تغيرًا ما ثبت في صحيح مسلم (١) عن أبي سعيد (٢) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان".

فأمر بتغيير المنكر باليد أو اللسان، ومعلوم أن تغير المنكر هو: ما يخرجه عن أن يكون منكرًا، وذلك لا يحصل إلّا بإزالة صورته وصفته لا بتحريكه من حيز إلى حيز، فتغيير (٣) الخمر لا يحصل بمجرد نقلها من حيز إلى حيز، بل بإراقتها أو إفسادها مما فيه استحالة صورتها (٤)، وكذلك من رأى من يقتل غيره، لم يكن تغيير ذلك بمجرد النقل الذي ليس فيه زوال صورة القتل، بل لا بد من زوال صورة القتال، وكذلك الزانيان (٥) وكذلك المتكلم بالبدعة، والداعي ليس تغيير هذا المنكر بمجرد التحويل من حيز إلى حيز، وأمثال ذلك كثيرة، فإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم -


(١) صحيح مسلم ١/ ٦٩ كتاب الأيمان -باب بيان كون النهي عن المنكر من الأيمان الحديث ٧٨.
وانظر: سنن الترمذي ٤/ ٤٦٩، ٤٧٠ كتاب الفتن- باب ما جاء في تغيير المنكر باليد أو باللسان أبو بالقلب. الحديث ٢١٧٢.
وراجع: مسند الإمام أحمد ٣/ ٢٠، ٤٩.
(٢) هو: أبو سعيد الخدري: سعد بن مالك بن سنان الأنصاري الخزرجي، مشهور بكنيته، من أعيان الصحابة وفقهائهم، شهد الخندق وبيعة الرضوان وغيرهما، توفي سنة ٧٤ هـ.
راجع: تذكرة الحفاظ -للذهبي- ١/ ٤٤. والإصابة في تمييز الصحابة -لابن حجر- ٢/ ٣٥. وشذرات الذهب -لابن العماد- ١/ ٨١.
(٣) في س: فتغير.
(٤) في س: صورته.
(٥) في س: الزانيات.

<<  <  ج: ص:  >  >>