للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقيل له: نعم، لأنه ليس هو إياه.

قال: وما كان غير الله فهو مخلوق و (غير) في هذا الموضع الثاني إنما يصح، إذا أريد بها ما كان باينًا عن الله - تعالى - فهو مخلوق، فيستعمل لفظ (الغير) في إحدى المقدمتين بمعنى، وفي المقدمة الأخرى بمعنى آخر، لما فيها من الإجمال والاشتراك، فلهذا استفسره الإمام أحمد، فلما فسر مراده قال: فهذا هو القول الأول، متى قلت: هو مخلوق. فقد قلت: بأنه خلق شيئًا فعبر عنه، وأنه لا تكلم ولا يتكلم، ثم احتج عليهم بما دل عليه القرآن من تكلمه في الآخرة خطابه للرسل، فلما أقروا بنفي التكلم عنه أزلًا وأبدًا، ولم يفسروا ذلك إلا بخلق الكلام في غيره، قال:

قد أعظمتم الفرية على الله (١) حين زعمتم أن الله تعالى لا يتكلم (٢)، فشبهتموه بالأصنام التي تعبد من دون الله، لأن الأصنام لا تتكلم ولا تتحرك (٣) ولا تزول من مكان إلى مكان.

وهذه الحجة من باب قياس الأولى (٤)، وهي من جنس الأمثال التي


(١) في الرد على الجهمية: "أعظمتم على الله الفرية".
(٢) في الرد على الجهمية: أنَّه لا يتكلم.
(٣) في جميع النسخ: لا تتكلم ولا تحرك. والمثبت من: الرد على الجهمية.
(٤) شيخ الإسلام -رحمه الله- بين في كتابه (بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية" ١/ ٣٣٧، ٣٣٨. ما لا يجوز في حق الله تعالى من الأقيسة فقال: "والله تعالى له المثل الأعلى فلا يجوز أن يقاس على غيره قياس تمثيل يستوي فيه الأصل والفرع، ولا يقاس مع غيره قياس شمول تستوي أفراده في حكمه، فإن الله - سبحانه - ليس مثلًا لغيره، ولا مساويًا له أصلًا، بل مثل هذا القياس هو ضرب الأمثال لله. . ".
إلى أن قال: "وهم في مثل هذه المقاييس داخلون في حقيقة التمثيل والتشبيه والعدل بالله وجعل غيره له كفوًا وندًّا وسميًّا، كما فعلوا في مسائل الصفات والقدر وغير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>