للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الذي أنكروه، وجدتهم قد اعتقدوا أن ظاهر هذه الآية كاستواء المخلوقين، أو استواء يستلزم حدوثًا أو نقصًا، ثم حكوا عن مخالفهم هذا القول ثم تعبوا (١) في إقامة الأدلة على (٢) بطلانه، ثم يقولون: فيتعين تأويله، إما بالاستيلاء، أو بالظهور والتجلي، أو بالفضل والرجحان الذي هو علو القدر والمكانة، ويبقى المعنى الثالث: وهو استواء يليق بجلاله، تكون دلالة هذا اللفظ عليه كدلالة لفظ العلم والإرادة والسمع والبصر على معانيها، قد دل السمع عليه.

بل من أكثر النظر في آثار الرسول - صلى الله عليه وسلم - علم بالاضطرار أنه قد ألقى إلى الأمة أن ربكم [الذي] (٣) تعبدونه فوق كل شيء، وعلى كل شيء، فوق العرش، وفوق (٤) السماوات، وعلم أن عامة السلف كان هذا عندهم مثل ما عندهم أن الله بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه لا ينقل عن واحد لفظ يدل -لا نصًّا ولا ظاهرًا- على خلاف ذلك، ولا قال أحد منهم يومًا من الدهر: إن ربنا ليس فوق العرش، أو إنه ليس على العرش أو إن استواءه على العرش كاستوائه على البحر، إلى غير ذلك من ترهات الجهمية، ولا مثّل استواءه باستواء المخلوقين، ولا أثبت له صفة تستلزم حدوثًا أو نقصًا.

والذي يبين لك خطأ من أطلق (الظاهر) (٥) على المعنى الذي يليق


(١) في الأصل: أتعبوا. وفي س: بقوا. والمثبت من: ط، والمجموع. وهو المناسب، إذ هم الذين أتعبوا أنفسهم في البحث عن الأدلة.
(٢) على: ساقطة من: س.
(٣) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط، والمجموع.
(٤) في جميع النسخ: فوق. بدون واو. والمثبت من: المجموع، ولعله المناسب.
(٥) في الأصل: القول. والمثبت من: س، ط، والمجموع.
لأن الكلام على صفة "الاستواء" ومفهوم المخالف من ظاهر الآية الدالة عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>