للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخبر، وإذا (١) كان معنى الكلام يؤول إلى الخبر ومعنى الخبر يؤول إلى العلم كان الكلام يؤول إلى العلم، لكن قول من يقول: إن الكلام يؤول كله إلى الخبر المحض كما يقوله طائفة منهم (٢)، هو قول ضعيف، فإنَّه وإن كان الطّلب الذي هو الأمر والنهي يستلزم علمًا وخبرًا، لكن ليس هو نفس ذلك، بل حقيقة الطّلب يجدها الإنسان من نفسه ويعلمها بالإحساس الباطن، ويجد الفرق بين ذلك (٣) وبين كونه مخبرًا محضًا، مع أن الخبر -أيضًا- وقد يستلزم طلبًا وإرادة في مواضع كثيرة لكن تلازم الخبر والطلب والعلم والإرادة لا تمنع أن يعلم أن أحدهما ليس هو الآخر، فالإنسان يخبر عن الأمور التي لا تتعلق بفعله بالإثبات والنفي خبرًا محضًا، وقد يتعلق بذلك غرض من حب وبغض وما يتبع ذلك، لكن معنى قوله: السماء فوقنا والأرض تحتنا خبر محض، وكذلك معنى قوله: محمد رسول الله خبر، لكن يتبعه محبة وتعظيم وطاعة، وأمَّا معنى قوله: اذهب وتعال وأطعمني واسقني ونحو ذلك، فهو طلب محض، ولكنه مسبوق مستلزم للعلم والشعور بذلك كالأفعال الإرادية كلها، فالأمر والنهي كالأفعال الإرادية، كل ذلك مستلزم لما يقوم بالنفس من حب وطلب وإرادة، وما يتبع ذلك من بغض وكراهة، والخبر مستلزم للعلم والعلم يستلزم الحب والبغض والعمل -أيضًا- في عامة الأمور، ولهذا يختلط باب الإنشاء بباب الأخبار لتلازم النوعين، حيث


(١) في الأصل: إذ. وفي س: إذا. والمثبت من: ط.
(٢) بعد كلمة: "منهم" ورد في جميع النسخ "ابن" ثم بياض بقدر كلمة في: الأصل وكلمتين في: س، ط. ثم وردت كلمة "وطائفة".
ولعل الكلام يستقيم بما أثبت، ففي هذه الزيادة ركاكة في الأسلوب ليست من خصائص أسلوب الشَّيخ -رحمه الله- في كتابه الذي بين أيدينا.
(٣) في الأصل: نما. ولا معنى لها.
والمثبت من: س، ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>