للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال له إسحاق: ما أردت بقولك: سميع بصير؟

فقال: أردت منها ما أراده الله منها، وهو كما وصف نفسه، ولا أزيد على ذلك.

فكتب أجوبة القوم، وبعث بها إلى المأمون، وكان من الحاضرين من أجاب إلى القول بخلق القرآن مصانعة مكرهًا (١).

ثم ورد كتاب (٢) المأمون إلى نائبه أن يمتحنهم -أيضًا- فمن أجاب منهم شهر أمره في الناس، ومن لم يجب منهم يبعث إليه مقيدًا محتفظًا به.

فأحضرهم إسحاق، وأخبرهم بما أمر به الخليفة، فأجاب القوم كلهم إلّا أربعة هم: أحمد بن حنبل، وسجادة (٣)، والقواريري (٤) ومحمد بن نوح (٥)، فأمر بهم إسحاق فشدوا في الحديد.


(١) انظر: البداية والنهاية لابن كثير ١٠/ ٣٠٩، ٣١٠، وجاء فيه أن سبب مصانعة بعض الحاضرين: "أنهم كانوا يعزلون من لا يجيب عن وظائفه، وإن كان له رزق على بيت المال قطع، وإن كان مفتيًا منع من الإفتاء، وإن كان شيخ حديث ردع عن الإسماع والأداء".
(٢) ذكره ابن جرير مفصلًا في تاريخه ٨/ ٦٤٠ - ٦٤٤: وقد ورد في المدح والثناء لنائبه على ما فعله، والرد على كل فرد ممن لم يجب بالقول بخلق القرآن مصرحًا باسمه، فذمهم وأعابهم، ووقع فيهم بأشياء ذكرها في هذا الكتاب.
(٣) هو: أبو الحسن بن حماد الحضرمي البغدادي المعروف بسجادة، كان ثقة صاحب سنة، وله حلقة وأصحاب، توفي سنة ٢٤١ هـ.
انظر: العبر في خبر من غبر -للذهبي- ١/ ٣٤٢.
وشذرات الذهب -لابن العماد- ٢/ ٩٩.
(٤) هو: أبو سعيد عبيد الله بن عمر بن ميسرة الجشمي القواريري، كان ثقة صدوقًا حدث عنه البخاري ومسلم وغيرهما، توفي سنة ٢٣٥ هـ.
انظر: تاريخ بغداد -للخطيب البغدادي- ١٠/ ٣٢٠ - ٣٢٣.
وسير أعلام النبلاء -للذهبي- ١١/ ٤٤٢ - ٤٤٦.
(٥) محمد بن نوح بن ميمون بن عبد الحميد العجلي، يعرف والده بالمضروب كان أحد المشهورين بالسنة، مات سنة ٢١٨ هـ وصلى عليه الإمام أحمد.
قال فيه الإمام أحمد -رحمه الله- فيما نقله عنه حنبل بن إسحاق: "ما رأيت أحدًا على حداثة سنه، وقلة علمه أقوم بأمر الله من محمد بن نوح، وإني لأرجو =

<<  <  ج: ص:  >  >>