للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

: ابن أبي دؤاد (١) وجمع من أصحابه، بحضور الخليفة، وقد أثبت خلالها -رحمه الله- تغلبه عليهم، ودمغهم بالحجج المدعمة بنصوص الكتاب والسنة، التي تهاوت أمامها جميع إلزاماتهم، فلم تقم لهم معه حجة، مما جعلهم -ومن خلال هذه المناظرات- يلجؤون إلى أسلوب آخر، أسلوب العجز، الذي ينتهجه عادة أعداء الإسلام عندما تتساقط أدلتهم أثناء النقاش فلجؤوا إلى تحريف قوله، وتحريض الخليفة عليه، ونسبته إلى الضلال والابتداع، وأنه حلال الدم.

ويظهر ذلك من قولهم فيما بينهم- أثناء المناظرة: "يا أمير المؤمنين: أكفرنا وأكفرك".

وقول الإمام أحمد -رحمه الله-: "يا أمير المؤمنين ما أعطوني شيئًا من كتاب الله ولا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقول به".

وقول ابن أبي دؤاد: "هو -والله- يا أمير المؤمنين ضال مضل مبتدع".

وبعد ما لاقاه أبو عبد الله من صنوف الأذى وأنواع التعذيب، وخيبة أمل بطانة الخليفة، أعيد -رحمه الله- إلى منزله.

يقول حنبل بن إسحاق: "فلم يزل أبو عبد الله أحمد بن حنبل -رضي الله عنه- بعد أن أطلقه المعتصم، وانقضاء أمر المحنة، وبرأ من ضربه، يحضر الجمعة والجماعة، ويفتي ويحدث أصحابه، حتى مات أبو إسحاق، وولي هارون ابنه (٢)، وهو الذي يدعى الواثق. . . " (٣).

فحسَّن له ابن أبي دؤاد امتحان الناس بخلق القرآن، ففعل ذلك (٤) ولم


= والبداية والنهاية -لابن كثير- ١٠/ ٣٧٧ - ٣٨٠.
(١) ترجمته في قسم التحقيق من هذا الكتاب.
(٢) وكان ذلك سنة سبع وعشرين ومائتين من الهجرة.
انظر ترجمته بقسم التحقيق من هذا الكتاب.
(٣) انظر: محنة الإمام أحمد بن حنبل -لحنبل بن إسحاق- ص: ٦٩.
(٤) كان ممن امتحن بالقول بخلق القرآن في عهده أحمد بن نصر الخزاعي، أحد أئمة السنة القائلين: إن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، وكان نتيجة هذا الامتحان قتله -رحمه الله- على يد الواثق، بتحريض من ابن أبي دؤاد وأصحابه =

<<  <  ج: ص:  >  >>