للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتعرض للإمام أحمد (١)، لكنه أرسل له بأن لا يساكنه بأرض، ولا يأتيه ولا يجتمع به أحد، فاختفى -رحمه الله- بقية حياة الواثق (٢).

ورغم ما ناله -رحمه الله- كما مر في أيام المأمون، ثم المعتصم، ثم الواثق، وما أصابه من الحبس الطويل، والضرب الشديد، والتهديد والوعيد بالقتل، إلا أنه قابل ذلك كله بالصبر ورجاء الثواب من عند الله والتمسك بالكتاب والسنة وما عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان.

إلى أن تولى المتوكل (٣)، فأظهر الله به السنة وأعز أهلها، وقمع البدعة وأذل أهلها، فكتب إلى الآفاق بالمنع من الكلام في القول بخلق القرآن ووجه الفقهاء والمحدثين بالجلوس للناس، وأن يحدثوا بالأحاديث التي فيها الرد على المعتزلة والجهمية، وأرسل إلى نائبه ببغداد أن يبعث بأحمد بن حنبل إليه، فاستدعاه وأكرمه وأجله لما يعلمه من مكانته عند الخليفة المتوكل،


= سنة ٢٣١ هـ.
(١) ذكر ابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد ص: ٤٢٩ أن عدم تعرض الواثق للإمام أحمد إما لما علمه من صبره، أو لما خاف من تأثير عقوبته.
(٢) انظر: محنة الإمام أحمد بن حنبل -لحنبل بن إسحاق- ص: ٧٢.
(٣) سنة اثنين وثلاثين ومائتين من الهجرة.
انظر: ترجمته بقسم التحقيق من هذا الكتاب، وليعلم القارئ أن الوشاة والناقمين وأعداء الإسلام لا يهدأ لهم بال، ولا يهنأ لهم عيش ولا يقر لهم قرار إلا بالكيد والدس ومحاولة إخفاء الحقائق، واختلاق الدعاوي الباطلة ودعمها بالأكاذيب، وتزيينها بالباطل، وهذا ما ظهر بين فترة وأخرى في ولاية المتوكل، إذ تحدثنا كتب التاريخ والسير أن هؤلاء الأعداء ينقلون إلى الخليفة الأخبار الكاذبة، والتهم الباطلة محاولة منهم في تحريض الخليفة على الإمام أحمد -رحمه الله- لكن الخليفة استفاد من دروس سابقيه، فكان لا يتسرع في إصدار الأحكام إلا بعد ترو، ومتابعة يقف من خلالها على الحقيقة، فكان في كل مرة يكتشف براءة ساحة الإمام أحمد، وأنه لا يهدف إلى شيء سوى إظهار العقيدة السلفية النقية من غير مجاملة ولا مداهنة.
ويمكن للقارئ الاطلاع على المجلد العاشر من البداية والنهاية -لابن كثير- ص: ٣٨٢، ٣٨٥ ليرى بعض مكائد أعداء السلف الصالح في ظل ولاية المتوكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>