للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حجة على ذلك، فلا بد من حجة يعلم بها امتناع الخلو فيما بعد حتى يلحق به ما قبل، وليس معك في ذلك إجماع معصوم من الخطأ إذ ذاك إجماع المؤمنين، وطائفة من المتكلمين لا يمتنع أن يتفقوا على خطأ إذ أكثر الأمة يخطئهم كلهم في كثير [من] (١) كلامهم، على أن الخلاف في هذه المسألة لا يمكن دعوى عدمه، على أنه ليس غرضنا الكلام معه في ذلك.

وإنما الغرض قوله في النكتة الثانية (٢): "الدال على استحالة قيام الحوادث بذات الرب -سبحانه وتعالى- أنها لو قامت به لم يخل عنها وذلك يقضي بحدثه (٣)، فإذا جوز الخصم عرو الجوهر عن الحوادث، مع قبوله لها صحة وجوازًا، فلا يستقيم مع ذلك دليل على استحالة قبول الباري للحوادث".

فيقال لك: أنت قد ذكرت -أيضًا- فيما تقدم - (٤) أن المعتزلة لا يستقيم على أصولهم الاجتماع على أن الحوادث لا تقوم بذات الباري، مع تجويزهم خلو الجواهر عن الأعراض، ومع قضائهم بتجدد أحكام الرب -تبارك وتعالى- وأما أنت وأصحابك فلم تذكروا حجة على أنه يمتنع خلو الجواهر عن كل جنس من أجناس الأعراض، ولا أقمتم حجة على [أن] (٥) القابل (٦) للشيء لا يخلو منه ومن ضده، ولا أقمتم حجة على استحالة قيام الحوادث به، بل أنت في مسألة الحوادث جعلت


(١) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٢) تقدم قول الجويني في النكتة الثانية ص: ٦١١، وفي "الإرشاد" ص: ٢٥. وقد ناقش شيخ الإسلام -رحمه الله- هذه النكتة في "درء تعارض العقل والنقل" ٢/ ١٩٣.
(٣) في ط: بحدوثه. وفي الإرشاد: ينفي لحدثه.
(٤) تقدم قول الجويني هذا في ص: ٧٥٧. وفي الإرشاد ص: ٤٥.
(٥) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٦) في س: القايل.

<<  <  ج: ص:  >  >>