للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعده سواء ولم يقم به فعل نفسه، هو (١) في المعقول أبعد من كون الساكن الذي سكونه قديم (٢) [يمتنع أن يتحرك، لأن السكون القديم يمتنع عدمه ولو عرض] (٣) على العقل الصحيح جواز أن يبدع أشياء من غير أن يكون له في نفسه فعل أصلًا، وجواز أن يفعل ويكون فعله في نفسه بعد أن كان تاركًا، لكان الثاني أقرب إلى عقل كل أحد من الأول، فإن هذا الثاني معقول، والأول غير معقول.

وبهذا استطالت عليهم الدهرية من الفلاسفة (٤) ونحوهم، فإنهم ادعوا حدوث الجواهر والأجسام، ومضمون عموم كلامهم يقتضي أنهم ادعوا حدوث كل موجود، لكن لم يقصدوا ذلك، وإنما هو لازم لهم، ومعلوم أن هذا باطل، والدهرية ادعوا قدم السماوات، ولا شك أن هذا كفر باطل -أيضًا- لكن صار كل من الفريقين يعارض الآخر بحجج


(١) هو: ساقطة من: س.
(٢) في الأصل: قد عم. وهو تصحيف. والمثبت من: س، ط.
(٣) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٤) الفلاسفة: جمع فيلسوف. وتقدم الكلام عليه في ص: ٢٧٢.
الدهرية: هم القائلون بقدم العالم ووجوده أزلًا وأبدًا ولا صانع له، وذهبوا إلى ترك العبادة، لأنها لا تفيد، وإنما الدهر بما يقتضيه مجبول من حيث الفطرة على ما هو واقع فيه.
والدهرية: من الفلاسفة كابن سينا وأمثاله قالوا: تسلسل الحوادث ودوامها واجب؛ لأن حدوث الحادث بدون سبب حادث ممتنع، فيمتنع أن يكون جنسها حادثًا بلا سبب حادث، وإذا كان لكل حادث سبب حادث كان الجنس قديمًا، فيكون العالم قديمًا. وهذا أصل تفرعت عنه مقالاتهم.
انظر: الفصل -لابن حزم- ١/ ٩ - ١٤. نهاية الإقدام -للشهرستاني - ص: ١٢٣، ١٢٤. ودرء تعارض العقل والنقل -لابن تيمية- ٤/ ٤٣، ٨/ ١٣١، ٩/ ١٤٧، ١٤٨.
والكليات -لأبي البقاء- ٢/ ٣٣٢. وكشاف اصطلاحات الفنون -للتهانوي- ٢/ ٢٧٤، ٢٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>