للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تبطل (١) حجج نفسه، لأن كلًّا (٢) من القولين باطل، فتكون حجتهم باطلة فيمكن إبطالها، ولهذا كان غالب أئمتهم يقولون بتكافؤ الأدلة في هذه المسألة ونحوها (٣)، ويصيرون فيها إلى الوقف والحيرة، ثم هم مع ذلك قد يعتقدون أن الإسلام لا يتم إلّا بما ادعوه من القول بهذا الحدوث، فيكون ذلك سببًا لنفاقهم وزندقتهم، وذلك باطل، ليس هذا من أصل الإسلام في شيء، واعتبر ذلك بابن الراوندي (٤) الذي يقال: إنه أحد شيوخ الأشعري وقد فرح أصحاب الأشعري بموافقته، وموافقة أبي عيسى الوراق (٥) لهم على إثبات كلام النفس، ومع هذا فله كتاب مشهور سماه كتاب "التاج" (٦) في قدم (٧) العالم، وذكر الأشعري أنه في كتابه


(١) في س: فتبطل.
(٢) في الأصل، س: كل. وأثبت الصواب من: ط.
(٣) بعد أسطر سوف يذكر الشيخ -رحمه الله- أنه قيل: إن أبا الحسن الأشعري أقر بتكافؤ الأدلة في آخر عمره، وكذا الفخر الرازي صرح في آخر كتبه "المطالب العالية" أن هذه المسألة من محارات العقول.
(٤) تقدم التعريف به وبفرقته ص: ٦٢٩.
(٥) هو: أبو عيسى محمد بن هارون الوراق، من أهل بغداد، له تصانيف على مذهب المعتزلة، وعنه أخذ ابن الراوندي. توفي سنة ٢٤٧ هـ.
انظر: لسان الميزان -لابن حجر- ٥/ ٤١٢. والأعلام -للزركلي- ٧/ ٣٥١. تاريخ الأدب العربي -لبروكلمان ٤/ ٣٠، وفيه: أنه تحول عن مذهب المعتزلة، وذلك بسبب دراسته للمنطق الإغريقي، وتوفي بالسجن بعد أن اتهم بالإلحاد، مثل الراوندي.
(٦) كتاب "التاج" في قدم العالم ذكره ابن الجوزي في "المنتظم" ٦/ ٩٩، ١٠١، وأن أبا علي الجبائي نقضه وقال: "قد وضع كتابًا في قدم العالم، ونفى الصانع، وتصحيح مذهب الدهر، وفي الرد على مذهب أهل التوحيد".
انظر: تاريخ التراث العربي -لسزكين- ١/ ٤ / ٧٤. وهدية العارفين للبغدادي ١/ ٥٥، وذكر في ص: ٦٧٧ أن لأبي الحسن الأشعري نقض كتاب التاج على ابن الراوندي. ومعجم المؤلفين -لكحالة- ٢/ ٢٠٠.
(٧) في الأصل: قدوم. وأثبت المناسب من: س، ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>