للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلطان، ويتكلمون فيها (١) بما يخالف الشرع والعقل، فكيف ينكرون على من يصنف ويؤلف ما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، والتابعون لهم بإحسان، والأصول التي يقررها هي أصول جهم بن صفوان في الصفات والقدر والإرجاء، وقد ظهر ذلك في أتباعه، كالمدعي المغربي في مرشدته (٢) وغيره، فإن هؤلاء في القدر يقولون بقول جهم يميلون إلى الجبر، وفي الإرجاء بقول جهم -أيضًا- لأن الإيمان هو المعرفة (٣)، وأما في الصفات فهم يخالفون جهمًا والمعتزلة، فهم يثبتون الصفات في الجملة، لكن جهم والمعتزلة حقيقة قولهم نفي الذات والصفات وإن لم يقصدوا ذلك ولم يعتقدوه، وهؤلاء حقيقة قولهم إثبات صفات بلا ذات، وإن لم يعتقدوا ذلك ويقصدوه، ولهذا هم متناقضون، لكن هم


(١) في الأصل: فيه. والمثبت من: س، ط، ولعله المناسب للسياق.
(٢) هو: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن تومرت المصمودي البربري، لقب نفسه بالمهدي، وسمى أتباعه الموحدين، صاحب دعوة السلطان عبد المؤمن بن علي ملك المغرب، وواضع أسس دولة الموحدين التي قامت على أنقاض دولة المرابطين، توفي سنة ٥٢٤ هـ.
انظر: وفيات الأعيان -لابن خلكان- ٥/ ٤٥ - ٥٥. والوافي بالوفيات -للصفدي- ٣/ ٣٢٣ - ٣٢٨. والأعلام -للزركلي- ٧/ ١٠٤، ١٠٥.
و"المرشدة" رسالة صغيرة طبعت عدة مرات ضمن بعض الكتب، أوردها السبكي في "طبقات الشافعية" ٨/ ١٨٥، ١٨٦.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله- في "شرح الأصبهانية" ص: ٢٠: "ولما كان أبو عبد الله محمد بن التومرت على مذهب المعتزلة في نفي الصفات لقب أصحابه بالموحدين، وقد صرح في كتابه الكبير بنفي الصفات، ولهذا لم يذكر في "مرشدته" شيئًا من الصفات الثبوتية، لا علم الله، ولا قدرته، ولا كلامه، ولا شيئًا من صفاته الثبوتية، وإنما ذكر السلوب".
(٣) الإيمان عند جهم وأتباعه هو المعرفة بالله بالقلب فقط، فمن أتى بالمعرفة، ثم جحد بلسانه فإنه لا يكفر -بزعمهم- وهو قول ظاهر الفساد. وتقدم الكلام عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>