للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خير من المعتزلة، ولهذا إذا حقق قولهم لأهل الفطر السليمة -بقول (١) أحدهم- فيكون الله شبحًا وشبحه خيال الجسم، مثل ما يكون من ظله على الأرض وذلك هو عرض، فيعلمون أن من وصف الرب بهذه (٢) السلوب، مثل قولهم: لا داخل العالم ولا خارجه ونحوه، فلا يكون الله على قوله شيئًا قائمًا بنفسه موجودًا، بل يكون كالخيال الذي يشبحه الذهن، من غير أن يكون ذلك الخيال قائمًا بنفسه.

ولا ريب أن هذه حقيقة قول (٣) هؤلاء الذين يزعمون أنهم ينزهون الرب بنفي الجسم وما يتبع ذلك، ثم إنهم مع هذا النفي إذا نفوا الجسم وملازيمه، وقالوا: لا داخل العالم ولا خارجه، فيعلم أهل العقول أنهم لم يثبتوا شيئًا قائمًا بنفسه موجودًا، بل يقال: هذا الذي أثبتوه (٤) شبح (٥) أي: خيال ومثال، كالخيال الذي هو ظل الأشخاص، وكالخيال الذي في المرآة والماء، ثم من المعلوم أن هذا الخيال والمثال والشبح [يستلزم حقيقة موجودة قائمة بالنفس، فإن خيال الشخص] (٦) يستلزم وجوده، وكذلك قول هؤلاء، فإنهم يقرون بوجود مدبر خالق للعالم موصوف بأنه عليم قدير، ويصفونه (٧) من السلب بما يوجب أن يكون خيالًا، فيكون قولهم مستلزمًا لوجوده ولعدمه معًا، فإذا تكلموا بالسلف لم يبق إلّا الخيال، ويصفون ذلك الخيال بالثبوت، فيكون الخيال يستلزم ثبوت الموجود القائم بنفسه.


(١) في جميع النسخ: يقول. ولعل الصواب ما أثبته.
(٢) في الأصل: هذه. والمثبت من: س، ط، ولعله المناسب للكلام.
(٣) في الأصل: قولهم. والمثبت من: س، ط. ولعله المناسب للسياق.
(٤) في س، ط: أثبتموه.
(٥) في الأصل، س: شبحًا. والمثبت من: ط. لأنه الموافق للسياق.
(٦) ما بين المعقوفتين ساقط من: س.
(٧) في الأصل: يصفون. والمثبت من: س، ط. ولعله المناسب.

<<  <  ج: ص:  >  >>