للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنها أثبت (١) الصفات، وأن الله فوق العالم، والعلم بهذا ضروري عندهم، كما ذكرتم أنتم في معاد الأبدان والشرائع الظاهرة، بل لعل العلم بهذا أعظم من العلم ببعض ما تنازعكم فيه المعتزلة والفلاسفة من أمور المعاد، كالصراط والميزان والحوض والشفاعة ومسألة منكر ونكير.

و-أيضًا- فالعلم بعلو الله على عرشه ونحو ذلك، يعلم بضرورية عقلية وأدلة عقلية يقينية لا يعلم بمثلها معاد الأبدان، فالعلوم الضرورية والأدلة السمعية والعقلية على ما نفيتموه من علو الله على خلقه، ومباينته لهم ونحو ذلك، أكمل وأقوى من العلوم الضرورية والأدلة السمعية والعقلية على كثير مما خالفكم فيه المعتزلة بل والفلاسفة، ولهذا يوجد عن كثير من السلف موافقة المعتزلة في بعض ما خالفتموه فيه، كما يوجد عن بعض السلف إنكار سماع الذي في القبر للأصوات (٢)، وعن بعض السلف إنكار المعراج (٣) بالبدن وأمثال ذلك، ولا يوجد عن أحد (٤) منهم


(١) في س، ط: أثبتت.
(٢) وممن قال بذلك عائشة - رضي الله عنها - ومن تبعها.
وما يقتضي الدليل رجحانه أن الموتى في قبورهم يسمعون كلام من كلمهم.
وهذا ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ٤/ ٢٩٥ - ٢٩٩. وابن القيم في "الروح" ص: ٥ - ١٦، وانظر المسألة في "أضواء البيان" للشنقيطي - ٦/ ٤٢١ - ٤٣٩. والآيات البينات في عدم سماع الأموات عند الحنفية السادات - تأليف نعمان ابن المفسر الشهير محمود الألوسي.
(٣) كما يؤثر عن معاوية بن أبي سفيان وعائشة وغيرها. وذهب معظم السلف إلى أن المعراج كان ببدنه في اليقظة. وهو قول ابن عباس وجابر وأنس وغيرهم، وهو الحق. انظر خلاف السلف في هذه المسألة في "الشفا" للقاضي عياض ١/ ٣٥٩ - ٣٧٤ وانظر: تفسير ابن جرير الطبري ١٥/ ١٦. وتفسير القرطبي ١٠/ ٢٠٨، ٢٠٩. وتفسير ابن كثير ٣/ ٣٢.
(٤) في س، ط: واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>