للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللسان، ووجود في البنان، فالأعيان لها المرتبة (١) الأولى، ثم يعلم بالقلوب، ثم يعبر [عنها] (٢) باللفظ، ثم يكتب اللفظ. وأما الكلام فله المرتبة الثالثة وهو الذي يكتب في المصحف، فأين قول القائل: إن الكلام في الكتاب من قوله: إن المتكلم في الكتاب، وبينهما من الفرق أعظم مما بين القدم والفرق (٣)، ثم إن منكم من احتج بقوله: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} (٤)، وجعل المراد بذلك العبارة، وهذا مع أنه متناقض فهو أفسد من قول المعتزلة، فإنه إن كان أضيف إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه أحدث حروفه، فقد أضافه في موضع إلى رسول هو جبرئيل، وفي موضع إلى رسول هو محمد، قال في موضع: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} (٥)، وقال في موضع: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ} (٦).

ومعلوم أن عبارتها إن (٧) أحدثها جبريل لم يكن محمد أحدثها [وإن أحدثها محمد لم يكن جبريل أحدثها] (٨)، فبطل قولكم، وعلم أنه إنما أضافه إلى الرسول لكونه بلغه وأداه، لا أنه أحدثه وابتدأه، ولهذا قال: {لَقَوْلُ رَسُولٍ} ولم يقل: لقول ملك ولا نبي، فذكر اسم الرسول المشعر بأنه بلغ (٩) عن غيره، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ


(١) في الأصل: مرتبة. والمثبت من: س، ط، ولعله المناسب.
(٢) ما بين المعقوفتين زيادة من: س. وفي ط: عنه.
(٣) الفرق: هو مفرق شعر الرأس. انظر: لسان العرب -لابن منظور- ١٠/ ٣٠١ (فرق).
(٤) سورة الحاقة، الآية: ٤. وسورة التكوير، الآية: ١٩.
(٥) سورة التكوير، الآية: ١٩.
(٦) سورة الحاقة، الآية: ٤٠.
(٧) إن: ساقطة من: س.
(٨) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٩) في س، ط: مبلغ.

<<  <  ج: ص:  >  >>