للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الفلاسفة بأن المحدث له إما جبرئيل أو (١) محمد.

وإن قلتم: إنه محدث في الهواء صرتم كالمعتزلة، ونقضتم استدلالكم بقوله: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} (٢)، وقد استدل من استدل من أئمتكم على قولكم بهاتين الآيتين بقوله: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} (٢)، وقوله: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} (٣)، فإن أراد بذلك أن الله أحدثه بطل استدلاله بقوله: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ}، فإن أراد بذلك أن الرسول أحدثه بطل بإضافته إلى الرسول الآخر، وكنتم شرًّا من المعتزلة الذين قالوا: أحدثه الله.

وإن قلتم: أراد بذلك أن من تلاه فقد أحدثه، فقد جعلتموه قولًا لكل من تكلم به من الناس، برهم وفاجرهم، وكان ما يقرؤه المسلمون ويسمعونه كلام الناس عندكم لا كلام الله، ثم إن الله -تعالى- قال: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (١٠١) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} (٤).

فأخبر أن جبرئيل نزله من الله، لا من هواء ولا من لوح.

وقال: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} (٥)، وقال: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} (٦)، {حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (٧)، وأنتم وافقتم المعتزلة بحيث يمتنع أن يكون عندكم


(١) في س، ط: وإما.
(٢) سورة التكوير، الآية: ١٩. وسورة الحاقة، الآية: ٤٠.
(٣) سورة الأنبياء، الآية: ٢.
(٤) سورة النحل، الآيتان: ١٠١، ١٠٢.
(٥) سورة الأنعام، الآية: ١١٤.
(٦) سورة الأحقاف، الآية: ٢. وسورة الجاثية، الآية: ٢. وسورة الزمر، الآية: ١.
ولم ترد لفظة: (الكتاب) في الأصل. وهو خطأ.
(٧) سورة فصلت، الآيتان: ١، ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>