للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منزلًا من الله، لأن الله ليس فوق العالم، ولو كان فوق العالم لم يكن القرآن منزلًا منه، بل من الهواء.

و-أيضًا- فأنتم في مسائل الأسماء والأحكام قابلتم المعتزلة تقابل التضاد، حتى رددتم بدعتهم ببدع (١) تكاد أن تكون مثلها، بل هي من وجه شر منها، ومن وجه دونها، فإن المعتزلة جعلوا الإيمان اسمًا متناولًا لجميع الطاعات القول والعمل، ومعلوم أن هذا قول السلف والأئمة (٢)، وقالوا: إن الفاسق الملي لا يسمى (٣) مؤمنًا ولا كافرًا (٤)، وقالوا: إن الفساق مخلدون في النار لا يخرجون منها بشفاعة ولا غيرها (٥)، وهم في هذا القول مخالفون للسلف والأئمة، فخلافهم في الحكم للسلف، وأنتم وافقتم الجهمية في الإرجاء والجبر، فقلتم: الإيمان مجرد تصديق القلب وإن لم يتكلم بلسانه، وهذا عند السلف والأئمة شر من قول المعتزلة، ثم إنكم قلتم: إنا لا نعلم الفساق هل يدخل أحد منهم النار أولًا يدخلها أحد منهم، فوقفتم وشككتم في نفوذ الوعيد في أهل القبلة جملة، ومعلوم أن هذا من أعظم البدع عند السلف والأئمة، فإنهم لا يتنازعون (٦) أنه لا بد أن يدخلها من يدخلها من أهل الكبائر، فأولئك قالوا: لا بد أن يدخلها كل فاسق، وأنتم قلتم: لا نعلم (٧) هل يدخلها فاسق أم لا؟ فتقابلتم في هذه البدعة، وقولكم


(١) ببدع: ساقطة من: س.
(٢) تقدم بيان مذاهب الناس في الإيمان. فراجعه ص: ٦٤٧ - ٦٤٨.
(٣) في الأصل: الملي الذي لا يسمى. والكلام يستقيم بما أثبته من: س، ط.
(٤) أي: في منزلة بين المنزلتين. وهذا في الدنيا.
(٥) وهذا الحكم عليهم في الآخرة، وتقدم الكلام على مرتكب الكبيرة عند المتكلمين وبيان مذهب السلف -رحمهم الله - في ذلك. فراجعه في ص: ٤٧١.
(٦) في س: ينازعون.
(٧) لا نعلم: ساقطة من: س.

<<  <  ج: ص:  >  >>