للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعظم بدعة من قولهم وأعظم مخالفة للسلف والأئمة، وعلى قولكم لا نعلم شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - في أهل النار، لأنه لا يعلم هل يدخلها أحد أم لا؟ وقولكم إلى إفساد (١) الشريعة أقرب من قول المعتزلة، وكذلك في مسائل القدر، فإن المعتزلة أنكروا أن يكون الله خالق أفعال العباد أو مريدًا لجميع الكائنات (٢)، بل الإرادة عندهم بمعنى المحبة والرضا (٣)، وهو لا يحب ويرضى إلّا ما أمر به، فلا يريد إلّا ما أمر به، وأنتم وافقتموهم على أصهلم الفاسد، وقاسمتموهم بعد ذلك الضلال، فصرتم وهم في هذه المسائل كما قال الإمام أحمد في أهل الأهواء (٤): "فهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب متفقون (٥) على مفارقة الكتاب".

قلتم (٦): إن الإرادة بمعنى المحبة والرضا كما قالت المعتزلة، لكن قلتم: وهو أراد كل ما يفعله العباد، فيجب أن يكون محبًا راضيًا لكل ما يفعله العباد حتى الكفر والفسوق والعصيان (٧)، وتأولتم قوله:


(١) في س: فساد.
(٢) انظر رأيهم هذا في:
مسائل العدل والتوحيد - المختصر في أصول الدين -للقاضي عبد الجبار ص: ٢٠٨. إنقاذ البشرية من الجبر والقدر - للشريف المرتضى- ٢٧٤. والفرق بين الفرق -للبغدادي- ص: ١١٤، ١١٥. والاقتصاد في الاعتقاد -للغزالي- ص: ١٢٣، ١٣٦.
(٣) عقد القاضي عبد الجبار في "المغني" ٦/ ٥١ (الإرادة) -فما بعدها- فصلًا في أن المحبة والرضا والاختيار والولاية ترجع إلى الإرادة وما يتصل بذلك، وقد ناقش فيه قول من يقول: "إن الله لا يجب كونه محبًا لما يريده".
(٤) في الرد على الجهمية والزنادقة - ص: ٨٥.
(٥) في الرد على الجهمية: مجمعون.
(٦) في ط: وقلتم.
(٧) تقدم الكلام على رأي الأشاعرة في هذه المسألة ص: ٩٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>