للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} (١) على المؤمنين من عباده (٢)، وعلى قولكم لا يرضى لعباده الإيمان يعني الكافرين منهم، إذ عندكم كل من فعل فعلًا فقد رضيه منه، ومن لم يفعله لا يرضاه منه، فقد رضي عندكم من إبليس وفرعون ونحوهما كفرهم ولم يرض منهم الإيمان، وكذلك قلتم في قوله: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} (٣) أي: لا يحبه للمؤمنين (٤)، وأما من قال منكم (٥): لا يحبه دينًا أو لا يرضاه دينًا فهذا أقرب، لكنه بمنزلة قولكم: لا يريده دينًا ولا يشاؤه دينًا، فيجوز عندكم أن يقال: يحب الفساد ويرضاه، أي: يحبه فسادًا ويرضاه فسادًا كما أراده فسادًا.

وأنكرتم على المعتزلة ما أنكره المسلمون عليهم، وهو قولهم: إن الله لا يقدر أن يفعل بالكفار غير ما فعل بهم من اللطف (٦)، وأنكرتم على من قال منهم: إن خلاف المعلوم غير مقدور، ثم قلتم: إن العبد لا يقدر على غير ما علم منه، وإنه لا استطاعة له إلّا إذا كان فاعلًا فقط، فأما من لم يفعل فإنه لا استطاعة له أصلًا (٧)، فخالفتم قوله: {وَلِلَّهِ عَلَى


(١) سورة الزمر، الآية: ٧.
(٢) انظر هذا التأويل في: التفسير الكبير -للرازي- ٢٦/ ٢٤٧. والتمهيد -للباقلاني- ص: ٢٨٤.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٢٠٥.
(٤) انظر هذا التأويل في: التفسير الكبير -للرازي- ٥/ ٢٠٢. والتمهيد -للباقلاني- ص: ٢٨٤.
(٥) كأبي بكر الباقلاني في "التمهيد" ص: ٢٨٤. والشهرستاني في "نهاية الإقدام" ص: ٢٥٩.
(٦) تقدم الكلام على اللطف عند المعتزلة ص: ٦٢٧.
(٧) الأشاعرة يقولون -كما بينه الشيخ رحمه الله -: إن الإنسان يستطيع باستطاعة هي غيره، يستحيل تقدمها للفعل، بل الفعل يحدث الاستطاعة في حال حدوثها.
أي: إن الاستطاعة تقارن الفعل عندهم، ويستدلون لذلك بأدلة عقلية أحيل عليها في المصادر التالية: اللمع -لأبي الحسن الأشعري- ص: ٩٣ - ٩٥.
الإرشاد -لأبي المعالي الجويني- ص: ٢١٩ - ٢٢٢. التمهيد -لأبي بكر الباقلاني =

<<  <  ج: ص:  >  >>