للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمة فساد مذهب المعتزلة، ونفرت القلوب عنهم، صرتم تظهرون الرد عليهم في بعض المواضع، مع مقاربتكم أو موافقتكم لهم في الحقيقة، وهم سموا أنفسهم أهل التوحيد، لاعتقادهم أن التوحيد هو نفي الصفات، وأنتم وافقتموهم على تسمية أنفسكم أهل التوحيد، وجعلتم نفي بعض الصفات من التوحيد، وسموا ما ابتدعوه من الكلام الفاسد، إما في الحكم، وإما في الدليل، أصول الدين، وأنتم شركتموهم (١) في ذلك.

وقد علم ذم السلف والأئمة لهذا الكلام، بل علم من يعرف دين الإسلام وما بعث الله به نبيه -عليه أفضل الصلاة والسلام- ما فيه من المخالفة لكتب الله وأنبيائه ورسله، وقد بسطنا الكلام على فساد هذه الأصول في غير هذا الموضع (٢)، وبينا أن دلالة (٣) الكتاب والسنة التي يسمونها دلالة السمع ليست بمجرد الخبر، كما تظنونه أنتم وهم، حتى جعلتم ما دلّ عليه السمع إنما هو بطريق الخبر الموقوف على تصديق المخبر (٤)، ثم جعلتم تصديق المخبر -وهو الرسول- موقوفًا على هذه الأصول التي سميتموها (٥) أنتم وهم العقليات، وجعلوا منها نفي (٦)


(١) في ط: شاركتموهم.
(٢) بين الشيخ -رحمه الله- في كتابه "درء تعارض العقل والنقل" ١/ ٢٢ أنه صنف مصنفًا قديمًا منذ نحو ثلاثين سنة في فساد ما زعمه هؤلاء من أن الاستدلال بالأدلة السمعية موقوف على مقدمات ظنية، وأنه ذكر طرفًا من بيان فساد هذا الكلام في الكلام على المحصل.
يقول د. محمد رشاد سالم -رحمه الله- محقق الكتاب: "من مؤلفات ابن تيمية كتاب شرح أول المحصل، في مجلد، وهو كتاب مفقود".
(٣) في س: دلة. وهو تصحيف.
(٤) انظر: الإرشاد -للجويني- ص: ٨.
(٥) في س: سميوها. وهو تصحيف.
(٦) في ط: نفس. وهو تصحيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>