للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ببعضه ويؤمن ببعضه، فيهدم من الدين جانب ويبنى منه جانب على غير أساس ثابت، ولولا أن هذا الموضع لا يسع (١) ذلك لفصلناه، فإنا قد بسطناه في مواضع، مثل ما يقال: من أنه لا يمكن الإقرار بالصانع إلا بنفي صفاته أو بعضها، التي يستلزم نفيها تعطيله في الحقيقة، فيبقى الإنسان مثبتًا له نافيًا له مقرًا بوجوده مستلزمًا لعدمه، وإن كان لا يشعر بالتناقض.

وأما العقليات، فإنكم وافقتم المعتزلة والفلاسفة على أصول يلزم من تسليمها فساد ما بينتموه، فإنكم لما سلمتم لهم أن الأعراض وهي صفات تدل على حدوث ما قامت به أو تدل على إمكانه (٢)، كانوا مستدلين بهذا على نفي الصفات عن الرب -سبحانه وتعالى- فتنقطعون معهم، ثم أنتم إنما استدللتم على المتفلسفة بأن ما قامت به الحوادث فهو حادث، فإنهم يزعمون أن القديم تقوم به الحوادث، ولما ادعيتم أن ما قامت به الحوادث فهو حادث ألزموكم أول الحوادث، فقالوا: ذلك الحادث إما أن يكون لحدوثه سبب، وإما أن لا يكون لحدوثه سبب، فإن كان لحدوثه سبب لزم تسلسل الحوادث وذلك يبطل دليلكم عليهم، إذ هو مبني على تسلسل الحوادث وامتناع حوادث لا أول لها، وإن لم


(١) في الأصل: لا يتسع. والمثبت من: س. ولعله المناسب للسياق.
(٢) انظر: الإرشاد -للجويني- ص: ١٧ فما بعدها. حيث فسر العرض بأنه المعنى القائم بالجوهر، كالألوان والطعوم والروائح، والحياة والموت، والعلوم والإرادات والقدر القائمة بالجوهر. والجوهر عنده هو المتحيز، وكل ذي حجم متحيز، والعالم جواهر وأعراض. والجواهر حادثة، وإثبات حدثها يبنى على أصول.
منها: إثبات الأعراض.
ومنها: إثبات حدثها.
ومنها: إثبات استحالة تعري الجواهر عنها.
ومنها: إثبات استحالة حوادث لا أول لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>