للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاسمعوا الآن يا أولي الألباب، وانظروا ما فضل هؤلاء على أولئك، أولئك قالوا -قبح الله مقالتهم-: إن الله موجود بكل مكان، وهؤلاء يقولون: ليس هو في مكان، ولا يوصف بأين، وقد قال المبلغ عن الله لجارية معاوية بن الحكم: "أين الله" (١)؟

وقالوا: هو من فوق كما هو من تحت، لا يدرى أين هو، ولا يوصف بمكان، وليس هو في السماء، وليس هو في الأرض، وأنكروا الجهة والحد.

وقال أولئك: ليس له كلام إنما خلق كلامًا، وهؤلاء يقولون: تكلم مرة فهو متكلم به مذ تكلم، لم ينقطع الكلام، ولا يوجد كلامه في موضع ليس هو به، ثم تقولون: ليس هو في مكان.

ثم قالوا: ليس هو صوت ولا حروف، وقالوا: هذا زاج (٢) وورق، وهذا صوف وخشب، وهذا إنما قصد به النقش (٣) وأريد به النقر، وهذا صوت القارئ، أما (٤) ترى منه حسن ومنه قبيح (٥)، وهذا لفظه، أو ما تراه يجازى به، حتى قال رأس من رؤوسهم: أو يكون قرآن من لبد (٦)، وقال آخر: من خشب؟ فراغوا (٧) فقالوا: هذه (٨)


= مخالف وكل ما أشبه ذلك: سحارة.
انظر بتصرف: لسان العرب لابن منظور ٤/ ٣٤٨، ٣٤٩ مادة "سحر".
(١) تقدم تخريجه ص: ٩٢٨.
(٢) الزاج: الشب اليماني، من الأدوية، وهو من أخلاط الحبر.
راجع: لسان العرب -لابن منظور- ٢/ ٢٩٣ (زوج).
(٣) في ط: النفس. وهو تصحيف.
(٤) في ط: ما.
(٥) في ذم الكلام: وغير حسن.
(٦) لبد: بكسر اللام، ما يتلبد من شعر أو صوف.
راجع: المصباح المنير -للفيومي- ص: ١٥٤٨ (لبد).
(٧) في س، ط: فراعوا.
(٨) في جميع النسخ: هذا. والمثبت من: ذم الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>