للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثانية: العطف في قول الله تعالى {فَأَثَابَكُمْ}

قال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ١٥٢ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [آل عمران: ١٥٢ - ١٥٣]

• أصل الخلاف في المسألة:

الخلاف هنا في العطف في قوله تعالى {فَأَثَابَكُمْ}، على ماذا عُطف الفعل؟

• نص المسألة:

قال السمين الحلبي رحمه الله: "وفي {فَأَثَابَكُمْ} (١) وجهان:

أحدهما: أنه عطف على {صَرَفَكُمْ}، وبهذا قال الزمخشري كما قدمنا تقريره عنه، وناقشه فيه الشيخ فقال: «وفيه بُعد لِطول الفصل بين المتعاطفين» (٢).

والثاني: أنه عطف على {تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُنَ}، فيكون في موضع خفضٍ بإضافةٍ إليه (٣)، وجعل الشيخ هذا هو الظاهر.

فإن قيل: هذا ماض وما عُطف هو عليه مضارع!

فالجواب أن المضارع ماضِ المعنى لأنه في خبر (إذ)، و (إذ) للمُضي، فـ {تُصْعِدُونَ}


(١) في نسخة كتاب القول الوجيز: "وفي {ما فاتكم} وجهان" ولعله خطأ في النسخ لتشابه الرسم، أو انتقال ذهن، لأن قوله {ما فاتكم} لم يأت بعد، ولا يستقيم القول إلا بإثبات {فأثابكم}، وهو المذكور في الدر المصون (٣/ ٤٤١).
(٢) البحر المحيط لأبي حيان (٣/ ٣٨٨).
(٣) أي: بإضافة (إذ) إليه.

<<  <   >  >>