للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحجة أن المؤمن لا يخزى في الآخرة (١).

[٢) أدلة القول الأول في المسألة]

يمكن أن يستدل للقول بأن من دخل النار من المؤمنين فإنه مخزي بدليلين:

الأول: ما ذكره السمين الحلبي من أن هذا هو الظاهر المتبادر إلى الذهن، وذلك من الإطلاق المذكور في الآية: {إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ}، فالظاهر منه أنه يعم كل من دخلها من مؤمنٍ وكافر (٢).

الثاني: السياق، وذلك أنهم ذكروا هذا القول في سياق دعائهم بنجاة أنفسهم من النار وخزيها، فقالوا في دعائهم: {سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ١٩١ رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} [آل عمران: ١٩١ - ١٩٢]، فهذا إشارة إلى أن الخزي قد يلحقهم إنْ هم دخلوا في النار وإن كانوا سيخرجون منها بإيمانهم، ثم صرَّحوا بالدعاء وطلب السلامة من الخزي في قولهم: {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ}، فدل على أن الخزي قد ينال المؤمن في الآخرة (٣).

[٣) أدلة القول الثاني في المسألة]

يمكن أن يستدل للقول بأن الآية في شأن الكافرين، فيكون الخزي المذكور فيها لا يُراد به أهل الإيمان بدليلين:

الأول: أنه قد ثبت أن الخزي الذي في الآخرة لا يكون إلا على الكافرين، كما جاء حصر ذلك في قول أهل العلم في هذه الآية: {ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ} [النحل: ٢٧] (٤)، وقد جاء في آية أخرى أن الخزي لا ينال المؤمنين في الآخرة: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} [التحريم: ٨].


(١) ينظر في صحيح مسلم (١/ ١٧٩/ ١٩١)، وتفسير الثعلبي (٩/ ٥٥٦) والكشاف للزمخشري (١/ ٤٥٥).
(٢) وينظر في تفسير سورة آل عمران للعثيمين (٢/ ٥٥٠).
(٣) ينظر في ظلال الجنة في تخريج السُّنة للألباني (٢/ ٤١٤)، وهو تعليقات الشيخ في كتاب السُّنة لابن أبي عاصم.
(٤) ينظر في العواصم والقواصم لابن الوزير (٩/ ٢٩٠).

<<  <   >  >>