الأول: أن هذا هو ظاهر الجملة، بحيث لا يحتاج فيها إلى تقدير محذوف، ففي هذا القول إبقاء للكلام على ظاهره.
الثاني: أن الأحاديث الصحيحة قد دلَّت على هذا القول، وهي خير ما يفسَّر به معنى الإتيان في الآية.
[٣) أدلة القول الثاني في المسألة]
استدل من قال بأن المعنى أنه يأتي بإثم الغلول بما جاء في القرآن من تشبيه الأمور المعنوية بالأمور الحسية، ومثَّلوا لذلك بقوله تعالى:{وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ}[الأنعام: ٣١]، وقوله:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}[فاطر: ١٨]، وقوله:{فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ٧ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}[الزلزلة: ٧ - ٨]، قالوا: فتُحمَل الآية هنا على ذلك، ويكون المذكور فيها على سبيل التمثيل والتشبيه كهذه الآيات (١).
[٤) أدلة القول الثالث في المسألة]
لم أقف على دليل القول بأنه يؤخذ من حسناته عِوَضَه وإلا عُوقب، لكن يمكن أن يكون آخر الآية يشير إلى هذا المعنى، وهو قوله تعالى:{ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}، بأنه يكون الاقتصاص منه أولًا بأخذ حسناته عوضًا عن المال الذي غلَّه، ثم يوفَّى جزاءه كاملًا على ما بقي من حسناته وسيئاته.
[٥) أدلة القول الرابع في المسألة]
يُستدل لهذا القول بما روي عن بُريدة الأسلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الحجر ليزن سبع خلفات، فيُلقى في جهنم فيهوي فيها سبعين خريفًا، ويؤتى بالغلول فيُلقى معه، ثم يُكلَّف صاحبه أن يأتي به، وهو قول الله عز وجل: {وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ