للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسلم لموعد أبي سفيان، لقوله: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} الآية" (١).

• ترجيح السمين الحلبي ووجه الترجيح:

جمع السمين الحلبي بين ما ذكر في سبب نزول الآيات، فجعل قصة حمراء الأسد لقوله: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} الآية، وجعل قصة موعد أبي سفيان لقوله: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ}، فهو يجعل لكل آية قصة، ولا يجعل الآيتين في قصة واحدة، فهذا ما رجَّحه في سبب نزول الآيات، ويظهر ذلك من ثلاثة وجوه:

الأول: لفظ الترجيح، وذلك في قوله: (لكن الظاهر أن المراد بـ {الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ} مَنْ خرج إلى حمراء الأسد)، وقوله: (والظاهر في هؤلاء [ … ] (٢) أنهم الذين خرجوا من العام القابِل مع رسول الله صلى عليه وسلم لموعد أبي سفيان)، وهذا الاستظهار منه بعد ذكر الخلاف في المسألة والفراغ منه، فإنه قدَّم الخلاف ولم يظهر منه ترجيح (٣)، ثم عاد إلى ذكره بإيجاز عند قوله تعالى: {فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ} الآية، فهذا ختام قوله في المسألة.

الثاني: أنه استدل لهذا القول الذي رجَّحه ولم يستدل للقول الآخر.

الثالث: أنه حكى قول الزمخشري في قوله تعالى {فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} أن معناه: (فرجعوا من بدر)، ثم قال: "وهذا الذي ذكره مبني على ما قدَّمه من أن القصة كانت بعد أُحد بعام ثم حكى القصة وقال: "وهذا في غاية المناسبة والملاءمة" (٤)، وهذا يؤيد أنه يرى أن قوله تعالى {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} وما بعده أنه في قصة موعد أبي سفيان.


(١) القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ٢٦٨ - ٢٦٩).
(٢) قال المعتني بالكتاب: ما بين المعقوفتين كلمة غير مقروءة، كأنها (المستجيبين).
(٣) ينظر في القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ٢٤٦ - ٢٤٨).
(٤) ينظر في القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ٢٦٨).

<<  <   >  >>