للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثانية: إعراب الفعل في قول الله تعالى: {وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}

قال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: ١٤٢]

• أصل الخلاف في المسألة:

الخلاف هنا في الفعل في قوله {وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} هل هو منصوب أو مجزوم؟

• نص المسألة:

قال السمين الحلبي رحمه الله: "وقرأ العامة: {وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} بفتح الميم (١)، وفيها تخريجان: أظهرهما أنه منصوب، ثم في نصبه مذهبان:

الأول (وهو مذهب البصريين): أنه منصوب بإضمار (أن) بعد الواو التي بمعنى (مع)، كهي في قولك: لا تأكلِ السمك وتشربَ اللبن؛ أي: لا تجمع بينهما.

والثاني (وهو مذهب الكوفيين): أنه منصوب بنفس الواو التي يسمُّونها (واو الصرف)، ويفيد ذلك أن الفعل كان من حقه أن يُعرَب بإعراب ما قبله، فلما جاءت الواو صرفته عن ذلك إلى النصب.

والتخريج الثاني أنه مجزوم عطفًا على الفعل قبله، وإنما فُتح لأحد وجهين:

إما لإتباع الميم إلى اللام في حركتها، كما قيل ذلك في أحد تخريجي: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ}، كما قررناه (٢).

وإما لأنها حركة التقاء الساكنين، وذلك أنه لما احتيج إلى تحريكه كان تحريكه بأخف الحركات أولى" (٣).


(١) هي قراءة السبعة، وقد رويت قراءة شاذة بكسر الميم وأخرى بضمها، ينظر في تحفة الأقران للرعيني (ص: ١٦٤).
(٢) وذكر في ذلك التخريج: "أن الفتحة فتحةُ إتباع؛ أتبع الميم اللام قبلها كقراءة (الحمدُ لُله) بضم لام الجر، مع كونها من كلمتين، فهذا أولى، وكقولهم: (منحدُرٌ) بضم الدال، و (مِنتِن) بكسر الميم، و (مِغِيرة) إلا أن هذا فيه إتباع الأول للثاني". القول الوجيز، (آل عمران: ١٠٦ - ١٥٦)، تحقيق: يعقوب مصطفى سي (ص: ٣٤٤).
(٣) القول الوجيز، (آل عمران: ١٠٦ - ١٥٦)، تحقيق: يعقوب مصطفى سي (ص: ٣٤٦).

<<  <   >  >>