كتاب ترجيحات السمين الحلبي - من آية 138 سورة آل عمران إلى آخر السورة

دراسة المسألة - ٢) أدلة القول الأول في المسألة - ص: 174

الحلبي طرفًا منها) هي مفسِّرةٌ للآية وموضحةٌ لمعناها (١).

وهذا القول هو مقتضى قول عبد الله بن مسعود (٢) وأبي هريرة (٣) وعوف بن مالك (٤) رضي الله عنهم في تفسيرهم للآية، وهو مقتضى أقوال الصحابة الذين رووا أحاديث الباب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (٥)، وبه قال سعيد بن جبير من التابعين في تفسيره للآية (٦).

أما القول بأن المراد بالآية هو أن الغال يأتي بإثم الذي غله فهو مضمون أقوال الذين خالفوا القول الأول، فقد ذكروا أن الإتيان في الآية ليس على حقيقته، وإنما هو من باب التشبيه والتصوير لحالة الغال، فيحفظ الله عليه ذلك الذنب الذي أخفاه، ثم يعزره يوم القيامة ويفضحه، فتشتد عليه الفضيحة، ويثقل عليه ذلك الذنب حتى يكون بمنزلة الذي أتى بذلك الذنب حقيقة (٧).

وأما القول الثالث بأنه يُؤخذ من الحسنات الغال فلم أقف على من قال به، وقد ذكره ابن الجوزي في زاد المسير ورجَّح القول الأول (٨).

وأما القول الرابع عن الكلبي (٩) أنه يُمثَّل له الشيء الذي غله فلم أقف على من وافقه على هذا في تفسير الآية.

[٢) أدلة القول الأول في المسألة]

ذكر السمين الحلبي الأدلة على أن الذي غل يأتي بنفس الشيء الذي غله يوم القيامة،

---

(١) ينظر في شرح صحيح البخاري لابن بطال (٥/ ٢٣٣)، وإكمال المعلم للقاضي عياض (٦/ ٢٣٣)، والتوضيح لشرح الجامع الصحيح لابن الملقن (١٨/ ٣٣٢)، وفيض القدير للمناوي (١/ ١٢٣).
(٢) رواه مسلم (٤/ ١٩١٢/ ٢٤٦٢) مختصرًا، وروى الآثار بطولها ابن أبي داود في المصاحف (ص: ٧٥ - ٧٧).
(٣) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٨٠٥).
(٤) رواه الطبراني في المعجم الكبير (١٨/ ٥٩) مختصرًا بسند مقبولٍ كما أشار إليه الألباني في السلسة الصحيحة (٧/ ٩٢١)، وروى الأثر بطوله أبو إسحاق الفزاري في السِّيَر (ص: ٢٦٦).
(٥) ينظر في التفسير البسيط للواحدي (٦/ ١٣٩ - ١٤١).
(٦) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٨٠٥).
(٧) ينظر بعض أصحاب هذا القول في تفسير الرازي (٩/ ٤١٤) وروح المعاني للآلوسي (٢/ ٣٢٢)، وينظر في كتاب أنموذجٌ جليل لزين الدين الرازي (ص: ٥٣)، وفتح الرحمن لزكريا الأنصاري (ص: ٩٩)، وتفسير المنار لرشيد رضا (٤/ ١٧٧ - ١٧٩)، وزهرة التفاسير لأبي زهرة (٣/ ١٤٨٤ - ١٤٨٥)، والتفسير المنير للزحيلي (٤/ ١٤٧).
(٨) ينظر في زاد المسير لابن الجوزي (١/ ٣٤٣).
(٩) ذكره عنه الثعلبي في تفسيره (٩/ ٣٨٢)، والبغوي في تفسيره (١/ ٥٢٩).