للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مغفرةً ورحمة؛ إذ هما مقترنان به، ويجيء التقدير: لَذلك مغفرةٌ ورحمة، ويرتفع المغفرة على خبر الابتداء المقدَّر، وقوله {خَيْرٌ} صفةٌ لا خبر ابتداء» (١) انتهى.

وهذا غير ظاهر فالأول الوجيه، ولا بد في الأول من حذف، وفي الثاني من حذفين؛ إذ التقدير (لمغفرةٌ من الله لكم ورحمةٌ من الله لكم) ليصحَّ المعنى بذلك" (٢).

• ترجيح السمين الحلبي ووجه الترجيح:

يرجِّح السمين الحلبي أن قوله {لَمَغْفِرَةٌ} مبتدأ، ويظهر هذا من ثلاثة وجوه:

الأول: لفظ الترجيح، وذلك في قوله: (أظهرهما أنها مبتدأ)، وقوله: (فالأول الوجيه).

الثاني: الاستدلال لهذا القول دون القول الآخر، حيث ذكر أمورًا متعددة تسوِّغ الابتداء بالنكرة، فدل على أن يدافع عن هذا القول، ولم يذكر ما يقوي القول الآخر.

الثالث: تَعَقُّب القول الآخر بأنه غير ظاهر، وأنه يلزم منه تقدير محذوفين (٣).

• دراسة المسألة:

[١) مذاهب أهل العلم في المسألة]

يظهر أن أول من تكلَّم في هذه المسألة هو الأخفش، حيث اختار في تقدير الآية معنى القول الثاني، وذكر التعليل الخاص بالقول الثاني، ولم يصرح بالحكم الإعرابي؛ قال رحمه الله: "إن قيل كيف يكون {لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ} جواب ذلك الأول؟ فكأنه حين قال: {وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّم}، فذكر لهم مغفرةً ورحمة، اذ كان ذلك في السبيل، فقال: {لَمَغْفِرَةٌ}؛ يقول: لَتلك المغفرة خيرٌ مما تجمعون" (٤).

ثم نقل الطبري قولَه بصيغة توحي بالتضعيف له، حيث قال: "وقد زعم بعض أهل العربية


(١) المحرر الوجيز لابن عطية (١/ ٥٣٣).
(٢) القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ١٠٥ - ١٠٦).
(٣) وقد ذكر في الدر المصون (٣/ ٤٥٧) هذه الأوجه، ولم يفصِّل في الوجه الثالث.
(٤) معاني القرآن للأخفش (١/ ٢٣٨).

<<  <   >  >>